الموسوعة الفقهية

الفصل الأوَّل: حُكمُ الوقوفِ بعَرَفةَ


الوقوف بعَرَفة [2093] المراد بالوقوف بعَرَفة: المُكْثُ فيها، لا الوقوفُ على القَدَمينِ. انظر: ((الاستذكار)) لابن عَبْدِ البَرِّ (4/278)، و((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/292). ركنٌ من أركانِ الحجِّ، ولا يصِحُّ الحجُّ إلَّا به، ومَن فاته الوقوفُ بعَرَفة فاته الحجُّ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قال الله تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة: 198]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ قَولَه: فَإِذَا أَفَضْتُمْ يدلُّ على أنَّ الوقوفَ بعَرَفة لا بدَّ منه، وأنَّه أمرٌ مسلَّم، وأنَّ الوقوفَ بالمُزْدَلِفةِ إنَّما يكون بعد الوقوفِ بعَرَفةَ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/382).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَعْمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الحجُّ عَرَفةُ)) رواه أبو داود (1949)، والترمذي (889، 2975)، والنسائي (3044)، وابن ماجه (3015)، وأحمد (18796) قال الترمذي: حسنٌ صحيح، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/209)، وقال ابنُ عَبْدِ البَرِّ في ((الاستذكار)) (3/638): (لا أشرَفَ ولا أحسَنَ من هذا)، وصحَّحه النووي في ((المجموع)) (8/95)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/230).
2- عن عروةَ بنِ مُضَرِّسٍ الطائيِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أتيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمُزْدَلِفةِ حين خرج إلى الصَّلاةِ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي جئتُ مِن جبلِ طَيِّئٍ، أكلَلْتُ راحلتي، وأتعَبْتُ نفسي، واللهِ ما تركْتُ مِن جبلٍ إلا وقفْتُ عليه، فهل لي مِنْ حَجٍّ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن شَهِدَ صلاتَنا هذه، ووقف معنا حتى نَدْفَعَ، وقد وقف بعَرَفةَ قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد أتمَّ حَجَّه وقضى تَفَثَه )) رواه أبو داود (1950) واللفظ له، والترمذي (891)، والنسائي (3041)، وأحمد (16253). قال الترمذي: حسن صحيح، وصحَّحه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/208)، وأبو أحمد الحاكم في ((المدخل)) (52)، وذكر الدارقطني في ((الإلزامات والتتبع)) (84) أنه يلزم البخاري ومسلم إخراجه، وقال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/221): صحيح ثابت.
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ركنِيَّتِه: ابنُ عَبْدِ البَرِّ قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (أمَّا الوقوف بعَرَفة فأجمع العُلَماءُ في كلِّ عصرٍ وبكلِّ مِصْرٍ فيما علِمْتُ أنَّه فرْضٌ لا ينوب عنه شيءٌ، وأنَّه من فاته الوقوفُ بعَرَفة في وقته الذي لا بدَّ منه، فلا حجَّ له) ((التمهيد)) (10/20). ، وابنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِر: (أجمعوا على أنَّ الوقوف بعَرَفة فرض، ولا حجَّ لِمَن فاته الوقوفُ بها) ((الإجماع)) (ص: 57). ، وابنُ قُدامة قال ابنُ قُدامة: (والوقوفُ لا يتَمُّ الحجُّ إلَّا به إجماعًا) ((المغني)) (3/368).

انظر أيضا: