الموسوعة الفقهية

الفصلُ الأوَّل: تعريفُ الحجِّ والعُمْرَة وفَضْلُهما


المبحثُ الأوَّل: تعريفُ الحَجِّ
الحج لغةً: هو القَصْد ((لسان العرب)) لابن منظور (2/ 226)، قال ابنُ فارس: (اختُصَّ بهذا الاسمِ: القصدُ إلى البيت الحرام للنُّسُك) ((معجم مقاييس اللغة)) (2/ 29)، وقال القونوي: (وقد غلب على قصدِ الكعبة للنُّسُك المعروف اصطلاحًا) ((أنيس الفقهاء)) (ص: 48).
الحجُّ اصطلاحًا: هو قَصْدُ المشاعِرِ المقدَّسة؛ لأداء المناسكِ في مكان ووقت مخصوص تعبُّدًا لله عزَّ وجلَّ ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (24/215)، وبعضهم عرَّفه بقوله: (عبارةٌ عن قَصْد مخصوص إلى مكانٍ مخصوصٍ في زمانٍ مخصوص) ((أنيس الفقهاء)) (ص: 48)، لكنَّ الأولى في تعريف العبادات التذكيرُ بكونها عبادةً، كما نبه عليه ابنُ عُثيمين بقوله في تعريف الحج: (وفي الشرع: التعبُّدُ لله عَزَّ وجَلَّ بأداء المناسك على ما جاء في سنَّةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم؛ لأنَّنا لو أخذنا بظاهِرِه لشَمِلَ من قصد مكَّةَ للتجارة مثلًا، ولكنَّ الأولى أن نذكر في كل تعريفٍ للعبادةِ: التعبد لله عَزَّ وجلَّ، فالصلاة لا نقول إنها: أفعالٌ وأقوالٌ معلومةٌ فقط، بل نقول: هي التعبُّدُ لله بأقوالٍ وأفعال معلومة، وكذلك الزكاة، وكذلك الصيامُ، وقولُ بعض الفقهاء في تعريفه: قصْدُ مكَّة لعملٍ مخصوصٍ، لا شكَّ أنَّه قاصر؛ لأنَّ الحَجَّ أخصُّ مما قالوا) ((الشرح الممتع)) (7/5-6).
المبحثُ الثَّاني: تعريفُ العُمْرَةِ
العُمْرَة لغةً: الزيارَةُ والقَصْدُ ((لسان العرب)) لابن منظور (4/ 605)، ((الصحاح)) للجوهري (2/ 757).
العُمْرَة اصطلاحًا: التعبُّد لله تعالى بالطَّوافِ بالبيتِ، والسَّعْيِ بين الصَّفا والمروة، والتحَلُّلِ منها بالحَلْقِ أو التَّقصيرِ ((سبل السلام)) للصنعاني (2/178)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (7/6).
المبحث الثَّالث: من فضائِلِ الحَجِّ والعُمْرَة
1- الحجُّ من أفضَلِ الأعمالِ عندَ الله تعالى:
عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سُئلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسَلَّم: أيُّ الأعمالِ أفضَلُ؟ قال: إيمانٌ باللهِ ورسولِه. قيل: ثمَّ ماذا؟ قال جهادٌ في سبيلِ اللهِ. قيل: ثمَّ ماذا؟ قال: حجٌّ مبرورٌ )) رواه البخاري (26)، ومسلم (83) واللفظ له.
2- الحجُّ من أسبابِ مغفرةِ الذُّنوبِ:
عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم يقول: ((من حجَّ للهِ فلم يرفُثْ ولم يَفْسُقْ، رجَع كيومَ وَلَدَتْه أُمُّه )) رواه البخاري (1521) واللفظ له، ومسلم (1350).
3- الحجُّ المبرورُ قال الحافظ ابن حجر: (الحجُّ المبرورُ، قيل: المقبولُ. وقيل: الذي لم يخالِطْه إثمٌ. وقيل: الخالِصُ) ((فتح الباري)) (1/85). جزاؤُه الجنَّةُ:
عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كفَّارةٌ لِما بينهما، والحجُّ المبرورُ ليس له جَزاءٌ إلَّا الجنَّةُ )) رواه البخاري (1773)، ومسلم (1349).
4- الحجُّ يَهْدِمُ ما كان قَبْلَه:
عن عبد اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم: ((أمَا عَلِمْتَ أنَّ الإِسْلامَ يهدِمُ ما كان قَبْلَه، وأنَّ الهجرةَ تهدِمُ ما كان قبْلَها، وأنَّ الحجَّ يهدِمُ ما كان قبْلَه )) رواه مسلم (121).
5- المتابَعَةُ بين الحَجِّ والعُمْرَة تنفي الفَقْرَ والذُّنوبَ:
عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم: ((تابِعوا بين الحَجِّ والعُمْرَة؛ فإنَّهما ينفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ كما ينفي الكِيرُ خبَثَ الحديدِ والذَّهَبِ والفِضَّةِ )) رواه الترمذي (810) والنسائي (2631) وأحمد (3669) قال الترمذي: حسن صحيح غريب، وصَحَّح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (5/244)، وابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (431)، وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (810): حسن صحيح، وحسنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (897).
6- العُمْرَةُ إلى العُمْرَة كفَّارةٌ لما بينهما:
عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((العُمْرَةُ إلى العُمْرَة كفَّارةٌ لِما بينهما)) البخاري (1773)، ومسلم (1349).
7- العُمْرَةُ في رمضانَ تَعْدِلُ حَجَّةً مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم:
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم لامرأةٍ من الأنصارِ- سمَّاها ابنُ عبَّاسٍ فنَسيتُ اسْمَها-: ((ما منعَكِ أن تحُجِّي معنا؟)) قالت: لم يكُنْ لنا إلَّا ناضحانِ، فحجَّ أبو وَلَدِها وابنُها على ناضحٍ، وترك لنا ناضحًا ننضِحُ عليه. قال: ((فإذا جاء رمضانُ فاعتَمِري؛ فإنَّ عُمْرَةً فيه تعدِلُ حَجَّةً )) أخرجه البخاري (1863)، ومسلم (1256) واللفظ له.
وفي رواية: ((فإن عُمْرَةً في رمضانَ تقضي حَجَّةً معي )) رواه البخاري (1863) واللفظ له، ومسلم (1256)

انظر أيضا: