الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: الجِماعُ وإنزالُ المنيِّ والاحتلامُ


المطلب الأول: الجِماعُ وإنزالُ المَنيِّ
الجِماعُ يَحرُمُ على المُعتَكِفِ ويُفسِدُ عليه الاعتكافَ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة: 187]
ثانيًا: من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِر قال ابنُ المنذر: (وأجمعوا على أنَّ المُعتكِفَ ممنوعٌ من المباشرةِ) ((الإجماع)) (ص50). وقال أيضًا: (وأجمعوا على أنَّ من جامع امرأتَه- وهو معتكفٌ عامدًا لذلك في فَرجِها- أنَّه مُفسِدٌ لاعتكافِه) ((الإجماع)) (ص50). ، والجصَّاصُ قال الجصاص: (أنه معلومٌ أنَّ حَظْرَ الجِماع على المُعتَكِف، غيرُ متعَلِّقٍ بِكَونِه في المسجِدِ؛ لأنَّه لا خلاف بين أهل العلم أنَّه ليس له أن يُجامِعَ امرأتَه في بيتِه في حالِ الاعتكافِ) ((أحكام القرآن)) (1/309-310). ، وابنُ حَزمٍ قال ابنُ حزم: (واتَّفقوا أنَّ الوَطءَ يُفسِدُ الاعتكافَ) ((مراتب الإجماع)) (ص41). ، وابنُ عبدِ البَرِّ قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (ولا أعلم خلافًا في المعتَكِفِ يطأُ أهلَه عامدًا، أنَّه قد أفسَدَ اعتكافَه) ((الاستذكار)) (10/317). ، وابنُ رُشد قال ابنُ رشد: (أجمعوا على أنَّ المُعتكِفَ إذا جامع عامدًا، بطَل اعتكافُه، إلَّا ما رُوي عن ابن لُبابةَ: في غيرِ المَسجِد). ((بداية المجتهد)) (1/316). ، وابنُ قُدامة قال ابنُ قُدامة: (وجملةُ ذلك أنَّ الوطءَ في الاعتكافِ مُحَرَّمٌ بالإجماعِ). ((المغني)) (3/196). ، والقُرطبي قال القُرطبي: (وأجمع أهلُ العِلمِ على أنَّ من جامع امرأتَه- وهو معتكِفٌ عامدًا لذلك في فرجها- أنَّه مُفسِدٌ لاعتكافه) ((تفسير القرطبي)) (2/332). ، والنووي قال النووي: (إن جامع المعتكِفُ ذاكرًا للاعتكافِ، عالِمًا بتحريمِه؛ بطل اعتكافُه بإجماع المسلمينَ، سواء كان جماعُه في المسجِدِ، أو عند خروجه لقضاءِ الحاجةِ ونحوه من الأعذارِ التي يجوز لها الخُروجُ) ((المجموع)) (6/524).
المطلب الثاني: الاحتلامُ
المُعتَكِفُ إذا احتلم لا يَفسُدُ اعتكافُه، وعليه أن يغتسِلَ ويُتِمَّ اعتكافَه قال ابنُ حزم: (وكذلك يخرُجُ لحاجةِ الإنسانِ من البول والغائط، وغَسلِ النجاسة وغُسل ِالاحتلامِ) ((المحلى)) (5/188). وقال ابنُ عُثيمين: (الخروجُ لأمرٍ لا بد منه طبعًا أو شرعًا- كقضاءِ حاجةِ البول والغائِطِ، والوضوءِ الواجِبِ، والغُسلِ الواجِبِ لجنابةٍ...) ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20/342). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((البناية شرح الهداية)) للعينيى (4/133)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/116)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/396). ، والمالكيَّة ((منح الجليل)) لعليش (2/177)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/270)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/732). ، والشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/500)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/455). ، والحَنابِلة ((الفروع)) لابن مفلح (5/164)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/356،368).
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن عائشةَ رَضِيَ الله عنها، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائِمِ حتى يستيقِظَ، وعن الصَّغيرِ حتى يكبَرَ، وعن المجنونِ حتى يعقِلَ، أو يُفيقَ )) [1603] رواه أبو داود (4398)، والنسائي (3432)، وابن ماجة (2041)، وأحمد (24694)، والدارمي (2342). صححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/392)، والألباني في ((صحيح النسائي)) (3432)، وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (89/1): إسناده على شرط مسلم، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (12/124): له شاهد وله طرق يقوي بعضها بعضًا

انظر أيضا: