الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: ما يلزَمُ الكبيرَ والعجوزَ إذا أفطَرا


إذا أفطَرَ الرَّجُلُ الكبيرُ والمرأةُ العجوزُ؛ فعليهما أن يُطعِما عن كلِّ يومٍ مسكينًا، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (3/92)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/356). ، والشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/258)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (2/113). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/309)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/151). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال الجصاص: (وقد ذكرنا قولَ السَّلَفِ في الشَّيخ الكبير، وإيجاب الفِديةِ عليه في الحالِ من غيرِ خلافِ أحدٍ مِن نُظَرائِهم، فصار ذلك إجماعًا لا يُسمَعُ خِلافُه) ((أحكام القرآن)) (1/ 221). قال الماوردي: (ويدلُّ على ما ذكرناه- أي وجوبِ الفِديةِ- إجماعُ الصحابة، وهو ما روِيَ عن علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رَضِيَ اللهُ عنهم؛ أنهم قالوا: الهِمُّ عليه الفِديةُ إذا أفطر، وليس لهم في الصَّحابة مخالِفٌ) ((الحاوي الكبير)) (3/ 466). قال ابنُ تيمية: (فهذا قولُ ثلاثةٍ من الصحابة, ولم يُعرَف لهم مخالفٌ، وأيضًا فإنَّ الصحابةَ والتَّابعينَ أخبَروا أنَّ اللهَ رَخَّصَ في هذه الآيةِ للعاجِزِ عن الصَّومِ أن يُفطِرَ ويُطعِمَ, وأنَّ حُكمَ الآيةِ باقٍ في حَقِّه, وهم أعلمُ بالتنزيلِ والتأويلِ) ((شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصيام)) (1/ 262).
الدَّليل:
أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة: 184]
قال ابنُ عبَّاسٍ: «ليسَتْ بمنسوخةٍ، هو الشَّيخُ الكبيرُ، والمرأةُ الكبيرةُ لا يستطيعانِ أن يصوما، فيُطعِمانِ مكانَ كُلِّ يومٍ مِسكينًا» [658] رواه البخاري (4505).
ثانيًا: من الآثار
عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه (أنَّه لَمَّا كَبِرَ حتى كان لا يُطيقُ الصِّيامَ، فكان يُفطِرُ ويُطعِمُ) [659] أخرجه عبد الرزاق (7570)، وفي رواية: (أنَّه ضَعُفَ عن الصَّومِ عامًا، فصنع جَفنةً مِن ثريدٍ ودعا ثلاثينَ مِسكينًا فأشبَعَهم) أخرجه ابن أبي شيبة (12217)، وأبو يعلى في ((المسند)) (4194)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (1/ 242) (675)، والدارقطني في ((السنن)) (2391). صححه ابن حزم في ((المحلى)) (6/265)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (3/167): رجاله رجال الصحيح، وصحح إسناده أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/220)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (4/21).
ثالثا: وذلك لأنَّ الأداءَ صَومٌ واجِبٌ، فجاز أن يَسقُطَ إلى الكفَّارةِ كالقضاءِ ((المغني)) لابن قدامة (3/ 151).

انظر أيضا: