الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: مقدارُ زكاةِ الفِطرِ، وهل يجوزُ نَقْصُه؟


المطلب الأول: مقدارُ زكاةِ الفِطرِ
القَدْرُ الواجِبُ في زكاةِ الفِطرِ صاعٌ مِن طَعامٍ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبدِ البَرِّ (1/323)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/228). ، والشافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (2/301)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/379). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/253)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/81). ، وبه قال أكثَرُ العُلَماءِ قال النوويُّ: (الواجِبُ في الفطرةِ عَن كلِّ شخصٍ: صاعٌ من أيِّ جنسٍ أخرج، سواء البُرُّ والتمر والزَّبيب والشَّعير، وغيرها من الأجناس المُجزِئة، ولا يُجزِئُ دون صاعٍ مِن شَيءٍ منها، وبهذا قال مالك وأحمد وأكثر العلماء؛ كذا نقله عن الأكثرين الماورديُّ، وممَّن قال به: أبو سعيد الخُدري، والحسنُ البصري، وأبو العالية، وأبو الشعثاء، وإسحاق، وغيرهم). ((المجموع)) للنووي (6/142)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/81). وأجمعوا على التَّمرِ والشَّعيرِ قال ابنُ المُنْذِرِ: (أجمعوا على أنَّ الشَّعيرَ والتَّمرَ لا يُجزِئُ من كلِّ واحدٍ منهما أقلُّ مِن صاعٍ). ((الإجماع)) (ص: 48). وقال ابنُ رُشْدٍ: (فإنَّ العلماء اتَّفقوا على أنه لا يُؤدَّى في زكاة الفطر من التمر والشعير أقلُّ من صاع؛ لثبوت ذلك في حديث ابن عمر) ((بداية المجتهد)) (1/281).
الأدلَّة:
أوَّلًا من السُّنَّة:
1- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ الله تعالى عنهما قال: ((فرَض رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ صاعًا من تَمرٍ، أو صاعًا مِن شَعيرٍ، على العبدِ والحرِّ، والذَّكَرِ والأنثى، والصَّغيرِ والكَبيرِ مِنَ المسلمين )) رواه البخاري (1503)، ومسلم (984، 986).
2- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كنَّا نُخرِجُ زكاةَ الفِطرِ إذ كان فينا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: صاعًا من طعامٍ، أو صاعًا من شَعيرٍ، أو صاعًا من تَمرٍ، أو صاعًا من زَبيبٍ، أو صاعًا من أقِطٍ، فلم نزلْ نُخرِجُه حتى قدِم معاويةُ المدينة، فتكلَّم، فكان فيما كلَّمَ به النَّاسَ: إني لأرى مُدَّينِ مِن سَمراء الشَّام تعدِل صاعًا مِن تَمرٍ، قال: فأخذ النَّاسُ بذلك. قال أبو سعيد: فلا أزالُ أُخرِجُه كما كنتُ أخرِجُه )) رواه البخاري (1510)، ومسلم (985) واللفظ له
وجه الدَّلالة:
أنَّ الحديثَ يدلُّ أنَّ الصَّاعَ هو فَرضُ صدقةِ الفِطرِ، وبه عَمِلَ أبو سعيدٍ الخُدري رَضِيَ اللهُ عنه، أمَّا قَولُ معاويةَ رَضِيَ اللهُ عنه فهو اجتهادٌ له لا يعادِلُ النُّصوصَ قال النووي: (لم يَثبتْ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نصفُ صاعٍ من بُرٍّ، والمرويُّ في ذلك ضعيفٌ، ولم يصحَّ فيه إلَّا اجتهادُ مُعاويةَ). ((المجموع)) للنووي (6/143).
ثانيًا: أنَّه قوتٌ مُخرَجٌ من صدقةِ الفِطرِ، فوجَبَ أن يكون مُقدَّرًا بالصَّاعِ كالتَّمرِ والشَّعير ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/380).
ثالثًا: أنَّه حقٌّ يجِبُ في الأقواتِ لأهلِ الصَّدَقاتِ، فوجب ألَّا يختَلِفَ قدْرُه باختلافِ الأجناسِ، كزَكَوات الزُّروعِ والثِّمار ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/380).
المطلب الثاني: هل يجوزُ النَّقصُ عن المقدار؟
لا يجوزُ النَّقصُ عن القَدْرِ الواجبِ إخراجُه في زَكاةِ الفِطرِ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقل الإجماعَ على ذلك ابنُ تيميَّةَ [2206] قال ابنُ تيميَّة: (وأمَّا النقص عن الواجب، فلا يجوز باتِّفاق العلماء). ((مجموع الفتاوى)) (25/70).

انظر أيضا: