الموسوعة الفقهية

المبحث السادس: هل يُشترَط للفقيرِ أو المسكينِ ألَّا يملِك نِصابًا؟


لا يُشتَرَطُ في الفقيرِ أو المسكينِ ألَّا يملِكَ نِصابًا، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبدِ البَرِّ (1/326)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/143). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/197)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/106). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/272)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/691). ، وهو قولُ ابنِ حزمٍ قال ابنُ حَزْم: (مَن كان له مالٌ مما يجِبُ فيه الصَّدقة, كمئتي دِرهمٍ أو أربعين مثقالًا، أو خمسٍ مِنَ الإبِلِ، أو أربعينَ شاةً، أو خمسين بقرة, أو أصاب خمسةَ أوسُقٍ مِن بُرٍّ, أو شعير, أو تمر، وهو لا يَقومُ ما معه بِعَولتِه؛ لكثرةِ عِيالِه أو لِغلاءِ السِّعرِ: فهو مسكينٌ, يُعطَى مِنَ الصَّدَقةِ المفروضة, وتُؤخَذ منه فيما وجبتْ فيه مِن مالِه). ((المحلى)) (6/152 رقم 723).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ... [التوبة: 60]
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الآيةَ تدلُّ على أنَّ الفقيرَ والمسكينَ يستحقَّانِ الزَّكاةَ بوصْفِ الفَقرِ والمسكنة مطلقًا، وليس فيها اشتراطُ ألَّا يملِكَا نِصابًا زكويًّا، وما أُطلِقَ من النصوص فلا يُقبَلُ تقييدُه إلَّا بدليلٍ صحيحٍ ((المجموع)) للنووي (6/197)، ((المغني)) لابن قدامة (2/493).
ثانيًا: من السُّنَّة
عن قَبِيصَةَ بن مُخارِقٍ الهلاليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((يا قَبيصَةُ، إنَّ المسألةَ لا تحِلُّ إلَّا لأحدِ ثلاثةٍ: رَجُلٍ تحمَّلَ حَمَالةً، فحلَّتْ له المسألةُ حتى يُصيبَها، ثم يُمسِك، ورجُلٍ أصابتْ مالَه جائحةٌ فاجتاحتْ مالَه، فحلَّتْ له المسألةُ حتى يُصيبَ سِدادًا من عَيشٍ، أو قِوامًا من عيشٍ، ورجُلٍ أصابتْه فاقَةٌ أو حاجةٌ حتى يَشهَدَ- أو يقول- ثلاثةٌ من ذوي الحِجا من قومِه: إنَّ به فاقةً وحاجةً، فحلَّتْ له المسألةُ حتى يُصيبَ سِدادًا من عيش، أو قِوامًا من عيش، ثم يُمسِك )) رواه مسلم (1044).
وجه الدَّلالة:
 أنَّه مدَّ إباحةَ المسألة إلى وجودِ إصابةِ القِوامِ أو السِّدادِ؛ لأنَّ الحاجةَ هي الفَقرُ، والغِنى ضِدُّها ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/106)، ((المغني)) لابن قدامة (2/493).
ثالثًا: أنَّ النِّصابَ قد لا يقَعُ موقعًا مِن كِفايَتِه ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/106).
رابعًا: أنَّه لا أصلَ لاشتراط النِّصاب في تمييزِ الفَقيرِ مِنَ الغنيِّ ((المجموع)) للنووي (6/197).
خامسًا: أنَّ مَن يَشتَرِطُ عدمَ مِلكِ الفقيرِ والمسكينِ للنِّصابِ الزَّكويِّ، يُقيِّده بمِئَتي دِرهمٍ دون ما إذا ملَكَ خمسًا مِنَ الإبِلِ أو أربعينَ شاةً، وهذا تحكُّم؛ إذ لا فرْقَ بين ذلك، فالكلُّ نِصابٌ زكويٌّ ((المحلى)) لابن حزم (6/155 رقم 723).

انظر أيضا: