الموسوعة الفقهية

المطلبُ الثالث: حُكمُ تعجيلِ الزَّكاةِ


الفرع الأول: تعجيلُ الزَّكاةِ قبل مِلك النِّصاب 
لا يجوزُ تعجيلُ الزَّكاةِ قبل مِلْكِ النِّصابِ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقل الإجماعَ على ذلك البَغَويُّ [1501] قال البغوي: (واتَّفَقوا على أنَّه لا يجوزُ إخراجُها قبل كَمالِ النِّصابِ) ((شرح السنة)) (6/32). وابنُ قُدامةَ [1502] قال ابنُ قُدامة: (ولا يجوزُ تعجيلُ الزكاة قبل مِلك النِّصاب، بغير خلافٍ علمناه). ((المغني)) (2/471). والنَّوويُّ [1503] قال النوويُّ: (زكاةُ الماشية والنَّقد والتِّجارة، فلا يجوزُ تعجيلُ الزكاة فيه قَبل مِلك النِّصاب، بلا خلافٍ). ((المجموع)) (6/146). ، والقرافيُّ [1504]  قال القرافي: (اجتمعَتِ الأمَّةُ على مَنعِ التَّعجيلِ قبل كمالِ النِّصابِ) ((الذخيرة)) (3/137).
الفرع الثاني: تعجيلُ الزَّكاةِ بعد مِلكِ النِّصابِ 
إذا بلَغ المالُ نِصابًا ممَّا يُشتَرَط له الحَوْلُ؛ فإنَّه يجوزُ فيه تعجيلُ الزَّكاةِ قبل تمامِ الحَوْلِ كالماشِيةِ السَّائِمة والنُّقودِ وسِلَعِ التِّجارة، أمَّا ما لا يُشتَرَطُ له الحَوْلُ، كالزُّروعِ والثَّمَر والمَعدِن والرِّكاز، فإنَّه لا يصحُّ فيه تَعجيلُ الزَّكاةِ؛ لأنَّه لم يُوجَد، فقد عجَّل زكاةً عمَّا ليس في مِلكِه، ولأنَّه تقديمُ زكاةٍ قبل وُجودِ سَبَبِها، كتقديمِ الكفَّارةِ على الحلِفِ. قال ابنُ قدامة: (لا يجوزُ تعجيلُ الزَّكاةِ قبل مِلك النِّصَابِ، بغَيرِ خِلافٍ عَلِمناه). ((المغني)) لابن قدامة (2/471)، وينظر: ((الفتاوى الهندية)) لمجموعة علماء برئاسة نظام الدين البلخي (1/176)، ((نهاية المطلب في دراية المذهب)) للجويني (3/172)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/451). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ من الحنفيَّة ((الفتاوى الهندية)) لمجموعة علماء برئاسة نظام الدين البلخي (1/176)، ويُنظر: ((مختصر اختلاف العلماء)) للطحاوي (1/455). ، والشافعيَّة ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/ 141)، ويُنظر: ((نهاية المطلب في دراية المذهب)) للجويني (3/172)، ((البيان)) للعمراني (3/378). ، والحَنابِلَة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/451)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/470، 510). ، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ قال الترمذي: (قال أكثرُ أهلِ العِلم: إنْ عجَّلَها قبل مَحَلِّها أجزأتْ عنه، وبه يقولُ الشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ). ((سنن الترمذي)) (3/55). وقال الكاسانيُّ: (يجوز تعجيلُ الزَّكاةِ عند عامَّةِ العُلَماءِ، خلافًا لمالكٍ). ((بدائع الصنائع)) (2/50)، وينظر: ((المجموع)) للنووي (6/146). ، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ قال ابنُ حَزْمٍ: (صحَّ تعجيلُ الزَّكاةِ قبل وَقتِها، عن سعيدِ بنِ جُبَير, وعطاءٍ, وإبراهيمَ, والضحَّاكِ, والحَكم, والزُّهري، وأجازه الحسنُ لثلاثِ سِنين). ((المحلى)) (6/96 رقم 693)، ويُنظر: ((اختلاف الفقهاء)) للمروزي (ص: 456)، ((المغني)) لابن قدامة (2/470).
 وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الوَقتَ إذا دخل في الشَّيءِ رِفقًا بالإنسانِ، كان له أن يُعجِّلَه ويترُكَ الإرفاقَ بنفْسه، كالدَّينِ المؤجَّلِ، وكَمَن أدَّى زكاةَ مالٍ غائبٍ، وإنْ لم يكُنْ على يقينٍ مِن وُجوبِها، ومِنَ الجائِزِ أن يكونَ المالُ تالفًا في ذلك الوَقتِ، وأمَّا الصَّلاةُ والصِّيامُ فتعبُّدٌ مَحضٌ، والتَّوقيتُ فيهما غيرُ مَعقولٍ، فيجِبُ أن يُقتصَرَ عليه ((المغني)) لابن قدامة (2/471)..
ثانيًا: أنَّه تعجيلٌ لمالٍ وُجِدَ سببُ وجوبه قبل وُجوبِه، فجاز؛ كتعجيلِ قضاءِ الدَّينِ قبل حُلُولِ أجَلِه، وأداءِ كفَّارةِ اليَمينِ بعد الحَلِف وقبل الحِنثِ، وكفَّارةِ القَتلِ بعد الجُرحِ قبل الزُّهوقِ ((المغني)) لابن قدامة (2/471)..
ثالثًا: أنَّ تأخُّرَ الوُجوبِ كان لتحقُّقِ النَّماءِ، فإذا تحقَّقَ بعدَ تقرُّرِ سَبَبِ الوُجوبِ، جاز التَّقديمُ ((المبسوط)) للسرخسي (2/162، 163).

انظر أيضا: