الموسوعة الفقهية

المبحث الثالث: زكاة الأرض الخَراجيَّة


المطلب الأوَّل: تعريفُ الأرض الخَراجيَّة
الخراج لُغةً: ما يحصُلُ مِن غلَّة ((النهاية)) لابن الأثير (2/19)، ((المصباح المنير)) للفيومي (1/166).
والأرضُ الخَراجيَّة: هي أرضُ العَنوةِ التي فتَحَها الإمامُ قهرًا، وضرب عليها خَراجًا، أو ما جلَا عنها أهلُها خوفًا من المسلمين، أو ما صُولِحَ عليه الكفَّارُ ((الأموال)) للقاسم بن سلام (ص: 113)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/58)، و(تبيين الحقائق، للزيلعي مع حاشية الشلبي)) (3/248) ((الكافي)) لابن عَبدِ البَرِّ (1/482)، و((مواهب الجليل)) للحطاب (2/278). ((المجموع)) للنووي (5/536)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/234)، ((المغني)) لابن قدامة (3/22-23)، ((الكافي)) لابن قدامة (4/160)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (8/38).
المطلب الثاني: اجتماعُ العُشر والخَراج في أرض واحدة
يجتمِعُ العُشرُ والخَراجُ في أرضٍ واحدةٍ، وهي الأرضُ الخَراجيَّةُ التي يمتلِكُها مسلمٌ، فيجِبُ عليه فيها العُشرُ زكاةً، مع الخراجِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّةِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/87)، ((حاشية الصاوي)) (1/609). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/543)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/252). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 219)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/29)، و((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/575). ، وبه قال أكثرُ العُلَماءِ قال ابنُ حزم: (ممَّن صحَّ عنه إيجابُ الزَّكاةِ في الخارِجِ مِن أرضِ الخراجِ: عمرُ بن عبد العزيز، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وشريك، والحسن بن حي) ((المحلى)) (4/56). وقال النوويُّ: (مذاهِبُ العُلَماءِ في اجتماعِ العُشرِ والخَراج: مذهبُنا اجتماعُهما، ولا يمنَعُ أحدُهما وجوبَ الآخَرِ، وبه قال جمهورُ العُلَماءِ، قال ابنُ المُنْذِر: هو قَولُ أكثَرِ العُلَماءِ، ممَّن قال به: عُمَرُ بن عبد العزيز وربيعة، والزهريُّ ويحيى الأنصاري، ومالك والأوزاعيُّ والثوريُّ، والحسن بن صالح وابن أبي ليلي، والليث وابن المبارك، وأحمد وإسحاق، وأبو عُبيد وداود). ((المجموع)) (5/544، 545)، وينظر: ((الأموال)) للقاسم بن سلام (ص: 114، 115).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قولُ الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ [البقرة: 267]
وجه الدَّلالة:
أنَّ الآيةَ عامَّةٌ في وجوبِ الزَّكاةِ فيما خرَجَ مِنَ الأرضِ دون تفريقٍ بين نوعٍ منَ الأرضِ وآخَرَ، سواءٌ أكانت خراجيَّةً، أو عُشْريَّة ((فقه الزَّكاة )) (1/414).
ثانيًا: من السُّنَّة
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((فيما سقَتِ السماءُ والعُيونُ أو كان عَثَريًّا العُشرُ، وما سُقِيَ بالنَّضحِ نِصفُ العُشرِ )) رواه البخاري (1483).
وجه الدَّلالة:
أنَّ الحديثَ عامٌّ في كلِّ أرضٍ يُنتفَعُ بها وتُزرَعُ، سواءٌ أكانتْ خَراجيَّة، أو عُشْريَّة ((المجموع)) للنووي (5/549)، ((المغني)) لابن قدامة (3/29).
ثالثًا: أنهما حقَّان مختلفانِ ذاتًا ومحلًّا وسببًا، فلا يتدافعانِ، فالعُشرُ يجِبُ في الزَّرعِ، والخَراجُ يجبُ في الأرضِ، والعُشرُ يجِبُ لأهلِ السهمانِ، والخراجُ دراهِمُ تجِبُ لبيتِ المالِ، والخراجُ واجِبٌ في رَقَبةِ الأرضِ؛ وُجِدَتِ المنفعةُ أو فُقِدَت، والعُشرُ واجِبُ المنفعةِ، ويسقُطُ بفقْدِ المنفعةِ، فلم يجُزْ إسقاطُ أحَدِ الحقَّينِ بالآخَرِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/253)، ((رؤوس المسائل الخلافية)) للزمخشري (ص: 214)، ((المجموع)) للنووي (5/549، 550).
رابعًا: أنَّ العُشرَ وَجَبَ بالنصِّ، والخَراج وجب بالاجتهادِ، وما ورد به النصُّ أثبتُ حكمًا، فلم يجزْ إبطالُه بما هو أضعَفُ منه حُكمًا ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/253)، ((المجموع)) للنووي (5/550).
خامسًا: أنَّه حُكمٌ يتعلَّقُ بالمُستفادِ مِن غيرِ أرضِ الخراجِ، فجاز أن يتعلَّقَ بالمُستفادِ مِن أرضِ الخراجِ، كالمعادِنِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/253).
سادسًا: أنَّ الخراجَ أُجرةٌ لا جِزيةٌ؛ لجواز أخْذِه مِنَ المُسلِم، وإذا كان أُجرةً لم يمنعْ وجوبَ العُشرِ، كالأرضِ المُستأجَرةِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/253).

انظر أيضا: