الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: حُكم خرْص الثِّمار


يُشرَعُ خَرصُ الثِّمارِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/134)، ((الشرح الكبير)) للدردير مع ((حاشية الدسوقي)) (1/453). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/478)، وينظر: ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/386). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/79)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/14). ، والظَّاهِريَّة قال ابنُ حزم: (مسألة: وأمَّا النَّخلُ فإنَّه إذا أزهى خُرِصَ وألزم الزَّكاة). ((المحلى)) لابن حزم (5/255 ) رقم (650). ، ورُوي عن محمَّدِ بنِ الحَسَنِ مِنَ الحنفيَّة قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (ممَّن أجاز الخَرْصَ في النَّخل والعِنَبِ للزَّكاة: مالك والأوزاعيُّ والليث بن سعد والشافعيُّ ومحمد بن الحسن) ((التمهيد)) (6/470). وقال العينيُّ: (قال أبو عمر بن عَبدِ البَرِّ: ذكر أصحابُ الإملاء عن محمَّد بن الحسن أنَّه يُخرَص الرُّطَب تمرًا، والعِنَبُ زبيبًا، وقال السروجيُّ: لم يذكُرْ أصحابُنا هذا القَولَ عن محمَّدٍ فيما عَلِمتُه. قلت: يمكِنُ أن يكونوا ذكروه فيما عَلِمَ غيره). ((البناية شرح الهداية)) (3/432). ، وبه قال أكثَرُ أهلِ العِلمِ قال البغوي: (العملُ عليه عند أكثَرِ أهلِ العِلم، وبه يقول مالك، والشافعيُّ، وأحمد، وإسحاق، أنَّه تُخرَصُ الثمارُ على أربابها... وعامَّةُ العُلَماءِ على تجويزِه). ((شرح السنة)) (6/38). وقال ابنُ قدامة: (وممَّن كان يرى الخرْصَ عُمَرُ بن الخطاب، وسهل بن أبي حثمة، ومروان، والقاسم بن محمد، والحسن، وعطاء، والزهريُّ، وعمرو بن دينار، وعبد الكريم بن أبي المخارق، ومالك، والشافعيُّ، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأكثَرُ أهل العِلمِ) ((المغني)) (3/14).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أبي حُمَيدٍ الساعديِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((غزَوْنا مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم غزوةَ تبوك، فلما جاء وادي القُرى إذا امرأةٌ في حديقةٍ لها، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأصحابه: اخرُصوا، وخرَصَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم عَشرةَ أوسُقٍ... )) رواه البخاري (1481)، واللفظ له، ومسلم (1392).
ثانيًا: أنَّ الزَّكاةَ تَجِبُ في هذه الثِّمار إذا بدَا صلاحُها، والعادةُ جاريةٌ بأنْ يأكُلَ أهلُها منها رطبًا ويتصرَّفون، فإن أبَحْنَا ذلك لهم دون خرْصٍ أضرَّ بالفُقَراءِ، وإن مَنَعْنا أربابَ الأموالِ التصرُّفَ فيها قبل أن يَيبَسَ أضرَّ ذلك بهم، فكان وجْهُ العَدلِ أن يَخرِصَ الأموالَ ثم يخلِّي بينها وبين أربابِها ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (1/511).
ثالثًا: أنَّه عَمَلٌ بالظنِّ، وقد ورد به أمرُ الشَّارِعِ، فهو كإباحَتِه الحُكمَ بالاجتهادِ عند عَدَمِ النصِّ مع كونِه معرَّضًا للخَطأِ ((فتح الباري)) لابن رجب (2/45)، ((سبل السلام)) للصنعاني (1/532).
رابعًا: أنَّ الخَرصَ اجتهادٌ في معرفةِ قدْرِ الثَّمَرِ، فهو كتقويمِ المُتلَفاتِ ((المغني)) لابن قدامة (3/15).

انظر أيضا: