الموسوعة الفقهية

المطلب الأوَّل: أسنانُ الإبل


الفرع الأوَّل: ما يجب إخراجه من أسنان الإبل
تقدَّم بيانُ ما يجِبُ مِن أسنانِ الإبِلِ بحَسَبِ الواجِبِ فيها، وهي: بِنتُ مَخاضٍ، وبِنتُ لَبُون، وابنُ لَبُون، وحِقَّةٌ، وجَذَعة.
الفرع الثاني: إذا فَقَد السِّنَّ الواجبة عليه في زكاة الإبل وعنده سِنٌّ تحتها، أو سنٌّ فوقها
إذا فقَد السِّنَّ الواجبةَ في زكاةِ الإبِلِ، وعنده سِنٌّ أحَطُّ، فإنَّه يعطي السِّنَّ التي عنده وزيادةً عشرينَ درهمًا، أو شاتينِ قال الخطَّابي: (يُشبِهُ أن يكون صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّما جعَلَ الشاتينِ أو العشرينَ الدِّرهمَ تقديرًا في جُبرانِ النُّقصان والزيادةِ بينَ السِّنَّينِ، ولم يكِلِ الأمرَ في ذلك إلى اجتهادِ السَّاعي وإلى تقديره؛ لأنَّ الساعِيَ إنَّما يحضُرُ الأموال على المياهِ، وليس بحَضرَتِه حاكِمٌ ولا مقوِّمٌ يحمِلُه رَبُّ المالِ عند اختلافِها على قيمةٍ يرتفِعُ بها الخلافُ وتنقطِعُ معها مادَّةُ النزاع، فجُعِلَت فيها قيمةٌ شرعيَّة كالقيمةِ في الْمُصَرَّاة والجنين؛ حسمًا لمادَّةِ الخلاف مع تعذُّرِ الوُصولِ إلى حقيقة العِلمِ بما يجِبُ فيها عند التَّعديلِ). ((معالم السنن)) (2/23)، وينظر: ((المجموع)) للنووي (5/409). ، وإنْ كانت أعلى دفَعَ إليه المصدِّقُ عِشرينَ درهمًا أو شاتينِ، وهذا مذهَبُ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/405)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي و((حواشي الشرواني والعبادي)) (3/220). ، والحَنابِلَة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/403)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/438). ، والظَّاهِريَّة ((المحلى)) لابن حزم (4/108)، ((المجموع)) للنووي (5/410). ، وهو قولُ بعضِ السَّلَفِ قال ابنُ قدامة: (وبهذا قال النَّخَعيُّ، والشافعيُّ، وابن المُنْذِر). ((المغني)) (2/438). وقال النوويُّ: (وبه قال ابراهيم النَّخَعيُّ وأحمد، وأبو ثور وداود، وإسحاق بن راهَوَيه في رواية عنه). ((المجموع)) (5/410). ، واختاره ابنُ المُنْذِر ((المغني)) لابن قدامة (2/438). ، والخطَّابي قال الخطَّابي: (فيه مِنَ الفِقه: أنَّ كلَّ واحدةٍ مِنَ الشاتين والعشرين الدِّرهم أصلٌ في نفسِه ليست ببَدَل؛ وذلك لأنَّه قد خيَّرَه بينهما بحرفِ أو، وقد اختلف الناس في ذلك، فذهب إلى ظاهِرِ الحديث النَّخَعي والشافعي وإسحاق. وقال الثوري: عشرةُ دراهم أو شاتان، وإليه ذهب أبو عُبيد، وقال مالك: يجِبُ على ربِّ المال أن يبتاعَ للمُصَدِّق السنَّ الذي يجِبُ له. وقال أصحاب الرأي: يأخُذُ قيمة الذي وجب عليه، وإن شاء تقاصَّا بالفَضلِ دراهمَ. قلت: وأصحُّ هذه الأقاويلِ قولُ مَن ذهب إلى أنَّ كلَّ واحدٍ مِنَ الشاتين والعشرين الدرهم أصلٌ في نفْسه، وأنَّه ليس له أن يعدِلَ عنهما إلى القيمة. ولو كان للقِيمةِ فيها مدخَلٌ، لم يكن لنَقْلِه الفريضةِ إلى سنٍّ فوقَها وأسفَلَ منها، ولا لجُبران النُّقصان فيها بالعشرين أو بالشاتين- معنًى، والله أعلم). ((معالم السنن)) (2/22). ، وابنُ رُشدٍ قال ابنُ رُشْدٍ: (وقال قوم: بل يُعطي السنَّ الذي عنده وزيادة عشرين درهمًا- إنْ كان السِّنُّ الذي عنده أحطَّ- أو شاتين، وإنْ كان أعلى دَفَعَ إليه المُصَدِّقُ عشرين درهمًا أو شاتين، وهذا ثابت في كتاب الصَّدقةِ، فلا معنى للمنازعة فيه، ولعلَّ مالكًا لم يبلُغْه هذا الحديث، وبهذا الحديثِ قال الشافعيُّ وأبو ثور) ((بداية المجتهد)) (1/261). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيمية: (والأظهَرُ في هذا: أنَّ إخراجَ القِيمةِ لغيرِ حاجةٍ ولا مصلحةٍ راجحةٍ، ممنوعٌ منه؛ ولهذا قدَّرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الجُبرانَ بشاتينِ أو عشرين درهمًا، ولم يعدِلْ إلى القيمة). ((مجموع الفتاوى)) (25/82).
الدَّليل مِنَ السُّنَّة:
عن ثمامة، أن أنسا رضي الله عنه حدثه: أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم: ((من بلغَتْ عنده من الإبِلِ صدَقةُ الجَذَعة وليس عنده جَذَعة وعنده حِقَّةٌ، فإنَّها تُقبَلُ منه ويَجعل معها شاتينِ إن استيسَرَتا، أو عشرينَ درهمًا، ومن بلغَتْ عنده صدقةُ الحِقَّةِ وليست عنده الحِقَّة، وعنده جَذَعة، فإنَّها تُقبَلُ منه الجَذَعةُ، ويُعطيه المصدِّقُ عِشرينَ درهمًا أو شاتينِ، ومَن بَلَغَت صَدَقَتُه الحِقَّةَ وليست عنده إلَّا ابنةُ لَبُون، فإنَّها تُقبَلُ منه ابنةُ لَبون ويُعطي معها شاتينِ أو عشرينَ درهمًا، ومن بلغَتْ صدَقَتُه ابنةَ لَبُونٍ وليست عنده وعنده حِقَّةٌ، فإنَّها تُقبَل منه الحِقَّة، ويُعطيه المُصَدِّق عشرين درهمًا أو شاتينِ، ومَن بلغَتْ صَدَقَتُه ابنةَ لَبُونٍ وليستْ عنده، وعنده بنتُ مَخاضٍ، فإنَّها تُقبَلُ منه ابنةُ مخاضٍ ويُعطي معها عشرينَ درهمًا أو شاتين )) رواه البخاري (1453).

انظر أيضا: