الموسوعة الفقهية

المطلب السابع: الجلوسُ للتعزِيَةِ


اختلف أهلُ العِلمِ في حُكمِ الجلوسِ للتَّعزيَةِ على قولين:
القول الأوّلُ: لا يُشرَعُ الجلوسُ للتَّعزيةِ، وهذا مذهبُ الشَّافعيَّة [9144] ((المجموع)) للنووي (5/306). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/334). ، والحَنابِلَة [9145] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/396)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/160). ، وقولٌ عند الحَنفيَّة [9146] قال ابن عابدين: ( وفي الإمدادِ، وقال كثير من متأخِّري أئمَّتِنا: يُكْرَه الاجتماعُ عند صاحِبِ البيتِ، ويُكْرَه له الجلوسُ في بَيْتِه حتى يأتيَ إليه من يُعَزِّي، بل إذا فَرَغَ ورجع النَّاسُ من الدفن فليتَفَرَّقوا، ويشتغل النَّاسُ بأمورِهم، وصاحِبُ البيتِ بأَمْرِه. اهـ). ((حاشية ابن عابدين)) (2/241). ، واختاره ابنُ عثيمين [9147] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/398). ، والألبانيُّ [9148] ((تلخيص أحكام الجنائز)) للألباني (1/167).  
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ ذلك مُحْدَثٌ وبدعةٌ، وليس مِن هَدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وسلَّم، وأصحابِه رَضِيَ اللَّهُ عنهم [9149] ((البيان في مَذهَب الإمام الشافعي)) للعمراني (3/118)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/398).
ثانيًا: لأنَّه يُجَدِّد الحُزْنَ، ويُكَلِّفُ المُعَزَّى [9150] ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/334).
القول الثاني: يجوزُ الجلوسُ للعزاءِ، وهو مذهب الحنفيَّة [9151] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/246)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/207)، ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (2/241). ، والمالكية [9152] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/39). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/481)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/130). ، وروايةٌ عن أحمد [9153] ((الفروع)) لابن مفلح (3/406)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/396). ، واختارَه ابنُ حجر [9154] ((فتح الباري)) لابن حجر (3/168). ، وابنُ باز [9155] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/373)، و(13/382).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن عائشةَ رَضِيَ الله عنها، قالت: ((لَمَّا جاء النبيَّ  صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قتَلُ ابنِ حارثةَ، وجعفرٍ، وابنِ رواحةَ؛ جلس يُعرَفُ فيه الحُزنُ، وأنا أنظرُ من صائِرِ البابِ شَقِّ البابِ، فأتاه رجلٌ، فقال: إنَّ نِساءَ جَعفرٍ وذكَرَ بُكاءَهنَّ، فأمَرَه أن ينهاهنَّ، فذهب، ثم أتاه الثَّانيةَ، لم يُطِعْنَه، فقال: انهَهُنَّ فأتاه الثالثةَ، قال: واللهِ لقد غلبْنَنا يا رسولَ اللهِ... )) [9156] رواه البخاري (1299)، ومسلم (935).
وجهُ الدَّلالةِ:
يدلُّ الحديثُ على جوازِ الجُلوسِ للعَزاءِ [9157] ((فتح الباري)) لابن حجر (3/168).  
ثانيًا: من الآثار
عن عائشةَ زوْجِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، (أنَّها كانت إذا مات المَيِّتُ مِن أَهْلِها، فاجتمَعَ لذلك النِّساءُ ثم تَفَرَّقْنَ إلَّا أهلَها وخاصَّتَها ) [9158] أخرجه البخاري (5417) ومسلم (2216).
ثانيًا: لِدَفْعِ الحَرَجِ عن المُعَزِّينَ، وعَدَمِ إتعابِهم [9159] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/382).
ثالثًا: لأنَّ التَّعزيةَ سُنَّةٌ، واستقبالُ المعَزِّينَ بالجلوسِ للعزاءِ ممَّا يُعينُ على أداءِ السُّنَّةِ [9160] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/373).

انظر أيضا: