الموسوعة الفقهية

الفصل الرَّابع: تقليم الأظفار


يُسَنُّ لم يثبُتْ في كيفيَّةِ تَقليمِ الأظفارِ شيءٌ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قال النوويُّ: (قال الغزاليُّ في الإحياء: يبدأ بمُسبحةِ اليُمنى ثم الوسطى، ثم البِنصَر، ثم خِنصر اليُسرى إلى إبهامِها، ثم إبهام اليُمنى، وذكَر فيه حديثًا وكلامًا في حِكمَتِه، وهذا الذي قاله ممَّا أنكره عليه الإمام أبو عبد الله المازريُّ المالكيُّ الإمام في عِلم الأصولِ والكلام والفقه). ((المجموع)) (1/286). وقال ابن حجر: (وقد أنكر ابنُ دقيق العيد الهيئةَ التي ذكَرها الغزالي ومن تبِعَه، وقال: كلُّ ذلك لا أصلَ له، وإحداثُ استحبابٍ لا دليلَ عليه). ((فتح الباري)) (10/345، 346). وقال ابن حجر أيضًا: (لم يثبُت في ترتيبِ الأصابِعِ عند القصِّ شيءٌ مِن الأحاديث) ((فتح الباري)) (10/345). وقال السَّخاويُّ: (لم يثبت في كيفيَّة قصِّ الأظافِرِ ولا في تعيينِ يومٍ له؛ شيءٌ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وما يُعزى من النَّظْمِ فيها لعليٍّ، فباطل). ((المقاصد الحسنة)) (ص 489). تقليمُ يجوز رَمْيُ الظُّفر في أيِّ مكانٍ، ولا يجِبُ دَفنُه. سُئل ابن باز: هل يجب دَفنُ الشَّعرِ المتساقِطِ والأظافر المقصوصة في التُّراب؟ فقال: (ليس بلازمٍ؛ يُلقيها في القمامة، والحمدُ لله، ما فيه دليلٌ على دفنها، إذا ألقاها في القمامةِ كفَى، والحمد لله). ((فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر)) (5/62). وسُئل ابن عثيمين عمَّاذا يفعل الإنسانُ بالشَّعرِ المتساقِطِ أو الأظافر؛ هل يتمُّ حَرقُها، أم وَضعُها في الترابِ؟ فأجاب: (ذهب بعضُ أهل العلم أنَّه ينبغي للإنسانِ أن يَدفِنَ ما يُزيلُ عن نفسِه مِن شَعر وظُفر، واستدلُّوا لذلك بفعل الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم؛ فإنْ تيسَّر هذا فذاك، وإن لم يتيسَّر فلا بأس أن يضعَه في أيِّ مكانٍ كان). ((الموقع الرسمي لابن عثيمين- فتاوى نور على الدرب)). وقال أيضًا: (الشَّعرُ الذي يخرُجُ مِن الرأس أو من لِحيةِ الرَّجُل أو يكونُ من نتْفِ الآباط أو حَلقِ العانة، كلُّ هذا إذا أُلقِيَ في الزبالة مثلًا أو في أيِّ مكان، فإنَّه لا بأس بذلك؛ لأنَّه بانفصالِه عن الإنسان لم يَبقَ له حُرمةٌ، لكن بعض السَّلف يرى أنَّ الإنسانَ يَدفِنُه؛ أي: يدفن ما تساقَطَ منه من شَعرٍ أو ظُفرٍ؛ فإن فعَلَ الإنسانُ فلا بأس، وإنْ ترَكَه في الزِّبالة أو في أيِّ مكانٍ فلا بأس). ((الموقع الرسمي لابن عثيمين- فتاوى نور على الدرب)). الأظفارِ الظُّفُر: فيه لغات، أفصحها: ضمُّ الظاء والفاءِ، وبه جاء القرآن، وتقليم الأظفار: هو تفعيلٌ من القَلْمِ، وهو قطع ما طال عن اللَّحمِ منها، والقُلامة: ما يُقطَع من الظُّفُر. ((المصباح المنير)) للفيومي (2/385)، ((المجموع)) للنووي (1/284)، ((شرح النووي على مسلم)) (3/149)، ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 62). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (1/ 56)، وينظر: ((درر الحكَّام)) للملا خسرو (1/323)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (4/226). ، والمالكيَّة ((الاستذكار)) لابن عبدِ البَرِّ (8/336)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/635). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/285)، وينظر: ((البيان)) للعمراني (1/94). ، والحنابلةِ ((الإقناع)) للحجاوي (1/20)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/65). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابن عبدِ البَرِّ: (لا خِلاف بين العلماء في قصِّ الأظفارِ، ونتْفِ الإبْطِ وحَلقِه لِمَن صعُب عليه النَّتْفُ، ولا في الاختتان- أنَّ كلَّ ذلك عندهم سُنَّة مسنونةٌ مجتمَعٌ عليها، مندوبٌ إليها، إلَّا الختان؛ فإنَّ بعضَهم جعله فرضًا). ((الاستذكار)) (8/336) وينظر: ((التمهيد)) (21/68). وقال النوويُّ: (أمَّا تقليمُ الأظفارِ، فمُجمَعٌ على أنَّه سُنَّة). ((المجموع)) (1/285). لكن قال ابن حجر: (ذهب ابنُ العربيِّ إلى القول بوجوبِ جَميعِ خصال الفِطرةِ، وفي ذلك يقول: (والذي عندي أنَّ الخِصالَ الخَمسَ المذكورةَ في هذا الحديث، كلُّها واجبةٌ؛ فإنَّ المرءَ لو تركها لم تبقَ صُورَتُه على صورةِ الآدميِّين؛ فكيف من جملةِ المسلمين؟!) كذا قال في شرح الموطأ، وتعقَّبه أبو شامة بأنَّ الأشياءَ التي مقصودها مطلوبٌ لتحسينِ الخَلق- وهي النَّظافة- لا تحتاج إلى ورودِ أمرِ إيجابٍ للشَّارعِ فيها؛ اكتفاءً بدواعي الأنفُسِ، فمجرَّد النَّدبِ إليها كافٍ، ونقل ابنُ دقيق العيد عن بعضِ العُلَماءِ أنَّه قال: دلَّ الخَبَرُ على أنَّ الفطرةَ بمعنى الدِّين، والأصلُ فيما أُضيفَ إلى الشَّيءِ أنَّه منه، أن يكونَ مِن أركانِه لا من زوائِدِه، حتى يقومَ دليلٌ على خلافِه، وقد ورد الأمرُ باتِّباعِ إبراهيمَ عليه السَّلام، وثبَت أنَّ هذه الخِصالَ أُمِرَ بها إبراهيمُ عليه السَّلام، وكلُّ شيءٍ أمَر الله باتِّباعه فهو على الوُجوبِ لِمَن أُمِرَ به، وتعقِّب بأنَّ وجوبَ الاتِّباعِ لا يقتضي وجوبَ كلِّ متبوعٍ فيه، بل يتمُّ الاتباعُ بالامتثالِ؛ فإن كان واجبًا على المتبوعِ كان واجبًا على التابع، أو ندبًا فنَدْبٌ، فيتوقَّفُ ثُبوتُ وجوبِ هذه الخِصالِ على الأمَّة على ثُبوتِ كَونِها كانت واجبةً على الخَليلِ عليه السلامُ). ((فتح الباري)) (10/340).
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((الفِطرةُ خَمسٌ: الخِتانُ، والاستحدادُ، وقصُّ الشَّارِبِ، وتقليمُ الأظفارِ، ونتْفُ الآباطِ )) رواه البخاري (5891) واللفظ له، ومسلم (257).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((عشرٌ مِن الفِطرةِ: قصُّ الشَّارب، وإعفاءُ اللِّحيةِ، والسِّواكُ، واستنشاقُ الماءِ، وقصُّ الأظفارِ، وغَسْلُ البراجِم، ونتْفُ الإبْطِ، وحَلْقُ العانةِ، وانتقاصُ الماءِ )) قال زكريا: قال مصعب: ونسيتُ العاشرةَ، إلَّا أن تكونَ المضمضةَ رواه مسلم (261).

انظر أيضا: