الموسوعة الفقهية

المطلب السَّادس: أحكامُ الجماعةِ والإمامةِ والمأمومينَ في صلاةِ الجِنازةِ


الفرع الأوَّل: حُكمُ الجماعةِ في صلاةِ الجِنازة
لا تُشترَطُ الجماعةُ في صلاةِ الجِنازة، ويَسقطُ فرضُها بواحدٍ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة [8169] ((حاشية ابن عابدين)) (2/208). ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/130)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/315). ، والشافعيَّة [8170] ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (3/147)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/345). ، والحَنابِلَة [8171] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/361)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/109). ، وقولٌ عند المالِكيَّة [8172] ((حاشية الدسوقي)) (1/423). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/458). المالكيَّة اختلفوا في اشتراط الجماعة؛ فابن رشد يرى الاشتراطَ، بينما اللخميُّ لا يرى ذلك؛ قال الحطَّاب: (قال ابن ناجي: وظاهِرُ الكتاب أنَّه إذا صلَّى على الجِنازَة واحدٌ فقط فإنَّه يُصلِّي عليها، وهو كذلك باتِّفاقٍ، وإنَّما اختُلف؛ هل ذلك على طريقِ الوجوب ما لم تفُتِ الصلاةُ عليه- قال ابن رشد: أم يُستحَبُّ التلافي فقط؟ قاله اللخمي انتهى. فالكراهةُ إنما هو إذا صلَّى عليها جماعةٌ، وأمَّا إذا صلَّى عليها واحد فالإعادة مطلوبة إمَّا وجوبًا على قول ابن رشد القائلِ باشتراط الجماعة فيها، وإمَّا استحبابًا على طريقة اللخمي). ((مواهب الجليل)) (3/54). وقال القرافيُّ: (ولا يُشترط فيها الجماعةُ؛ قال اللخمي: يَكفي الواحدُ، والجماعةُ سُنَّتُها، قال صاحب المقدِّمات: وشَرطُ صحَّتِها الإمامةُ؛ فإنْ فُعِلَت بغير إمامٍ أُعيدت ما لم تفُتْ، وهو مُناقِضٌ لِمَا تقدَّم). ((الذخيرة)) (2/458) ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [8173] قال النوويُّ: (تجوزُ صلاة الجِنازة فُرادَى بلا خلافٍ، والسُّنة أن يُصلَّى جماعةً). ((المجموع)) (5/214).
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّ الصَّلاة على الميِّتِ فرضٌ تَعلَّق به؛ فسقَطَ بالواحدِ [8174] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/109).
ثانيًا: القياسُ على غُسلِ الميِّت وتكفينِه؛ فإنَّه يسقُط بفِعلِ شخصٍ واحدٍ [8175] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/357).
الفرع الثَّاني: أحقُّ الناسِ بالإمامةِ في صلاةِ الجِنازة
المسألة الأولى: أَوْلى النَّاسِ بالصَّلاةِ على الميِّت
الوَصيُّ هو أحقُّ النَّاسِ بالصَّلاةِ الميت، وهو مذهبُ المالِكيَّة [8176] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/251). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/143). ، والحَنابِلَة [8177] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/110). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/358). ، ووجهٌ عند الشافعيَّة [8178] قال النوويُّ: (الطريقُ الثاني فيه حكاه الرافعيُّ عن الشيخ أبي محمَّد الجويني: أنَّه خرَّجه على الوجهينِ فيمَن أوصى أجنبيًّا في أمورِ أولاده ولهم جدٌّ، الصحيح: لا يصحُّ، والثاني: يصحُّ؛ فعلى هذا تصحُّ وصيتُه إلى مَن يُصلِّي عليه، ويُقدَّم على القريبِ). ((المجموع)) (5/220). ، وهو قولُ بعضِ السَّلفِ [8179] قال ابنُ المنذر: (واختلفوا في الرجل يُوصِي إلى رجلٍ أن يُصلِّيَ عليه، فاختلَفَ المُوصَى إليه والوليُّ، فقالت طائفةٌ: الوصيُّ أحقُّ، هذا مذهَبُ أنس بن مالك، وزيد بن أرقم، وأبي بَرْزةَ، وسعيد بن زيد، وأمِّ سلمة، ومحمَّد بن سيرين، وأحمد، وإسحاق). ((الأوسط)) لابن المنذر (5/437)، وينظر: ((المجموع)) للنووي (5/220). وقال ابنُ قُدامةَ: («وأحقُّ النَّاسِ بالصلاةِ عليه مَن أَوْصى له أن يُصلِّي عليه» هذا مَذهَب أنس، وزيد بن أرقم وأبي برزة، وسعيد بن زيد، وأمِّ سلمة، وابن سِيرين). ((المغني)) (2/358). ، وقولُ ابنِ حزمٍ [8180] قال ابنُ حزم: (واستدركْنا الوصيةَ بأن يُصلِّيَ على الموصِي غيرُ الوليِّ وغيرُ الزَّوج). ((المحلى)) (3/370). وقال أيضًا: (وأحقُّ الناس بالصَّلاة على الميِّت والميِّتة: الأولياءُ... إلَّا أن يُوصي الميتُ أن يصلِّيَ عليه إنسانٌ، فهو أَوْلى). ((المحلى)) (3/368) ، وحُكِيَ فيه إجماع الصحابة [8181] قال ابنُ قُدامةَ: (ولنا: إجماعُ الصَّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنهم، رُوِيَ أنَّ أبا بكر أوصى أن يُصلِّيَ عليه عُمَرُ؛ قاله أحمد، قال: وعمر أَوْصى أن يُصلِّيَ عليه صُهيبٌ، وأمُّ سَلَمة أوصتْ أن يُصلِّيَ عليها سعيد بن زيد، وأبو بَكرةَ أَوْصى أن يُصلي عليه أبو برزة. وقال غيرُه: عائشةُ أوصت أن يُصلِّي عليها أبو هُريرة، وابنُ مسعود أوصى أن يُصلي عليه الزبيرُ، ويونسُ بن جُبير أوصى أن يُصلِّيَ عليه أنسُ بن مالك، وأبو سَرِيحةَ أَوْصى أن يُصلي عليه زيد بن أرقم، فجاء عمرو بن حُرَيثٍ وهو أميرُ الكوفة ليتقدَّمَ فيُصلِّي عليه، فقال ابنه: أيُّها الأمير، إنَّ أبي أوصى أن يُصلِّي عليه زيدُ بن أرقم، فقدَّم زيدًا، وهذه قضايا انتشرت، فلم يظهرْ مخالفٌ، فكان إجماعًا). ((المغني)) (2/358). واستثنى بعضُ العُلَماءِ إمامَ المسجد: فقال ابنُ باز: (إمامُ المسجِدِ أَوْلى بالصَّلاةِ على الجِنازَة من الشَّخصِ المُوصى له؛ لقولِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سُلطانه))، وإمامُ المسجِدِ هو صاحبُ السُّلطان في مسجده). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/137). وقال ابنُ عُثَيمين: (إنْ صُلِّيَ عليه في المسجِدِ، فالإمامُ أَوْلى (أعني إمامَ المسجد)؛ لقول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه))، وإمام المسجِدِ سلطانٌ في مسجِدِه، وإنْ صُلِّيَ عليه في مكانٍ غيرِ المَسجدِ فأَوْلى النَّاسِ به وصيُّه، فإنْ لم يكُنْ له وصيٌّ فأقرَبُ الناس إليه، وإنْ صلَّى أحدُ الحاضرين، فلا بأس). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/113).
الأدلَّة:
أولًا: من الكِتاب
قال اللهُ تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ [البقرة: 181]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه يجِبُ العملُ بوصيَّةِ المُوصِي على حسَبِ ما أَوْصى إلَّا أن يكونَ جَنَفًا أو إثمًا [8182] ((تفسير العثيمين- الفاتحة والبقرة)) (2/311).
ثانيًا: لأنَّه حقٌّ للميِّتِ؛ فقُدِّمَ فيه وصيُّه على غيرِه [8183] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/88).
المسألة الثانية: الوالي أحقُّ بالصَّلاةِ على الميِّت من الوَليِّ
يُقدَّمُ الوالي على الوَليِّ في الصَّلاةِ على المَيتِ، وهذا مذهبُ الحَنفيَّة [8184] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/238). ويُنظر: ((درر الحكام)) للملا خسرو (1/164). ، والمالِكيَّة [8185] ((الكافي)) لابن عبدالبر (1/273). ويُنظر: ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (2/19)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (1/64). ، والحَنابِلَة [8186] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/110). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/359). ، والمذهَبُ القديم عندَ الشافعيَّة [8187] ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/488)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/347). ، وهو قولُ بعضِ السَّلف [8188] ((المجموع)) للنووي (5/217). ، وذهب إليه أكثرُ أهلِ العِلم [8189] ((الإشراف)) لابن المنذر (2/346). وينظر: ((المجموع)) للنووي (5/217).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن عُقبةَ بنِ عمرِو بنِ ثَعلبةَ، قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يُؤَمُّ الرَّجُلُ في سُلطانِه )) [8190] أخرجه مسلم (673).
ثانيًا: لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وخلفاءَه من بعده كانوا يُصلُّون على الموتَى، ولم يُنقلْ عن أحدٍ منهم أنَّه استأذن العَصَبةَ [8191] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/110).
ثالثًا: لأنَّها صلاةٌ يُسنُّ لها الاجتماعُ، فإذا حضرَها السلطانُ كان أَوْلى بالتقديمِ، كالجُمَعِ والأعيادِ [8192] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/110).
الفرع الثَّالث: صلاةُ النِّساءِ على الميِّتِ
المسألة الأولى: حُكمُ صلاةِ النِّساءِ على الميِّتِ
يُشرَعُ للنِّساءِ الصَّلاةُ على الجِنازة، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّة [8193] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/372). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/314)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازة البخاري (2/197). ، والمالِكيَّة [8194] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/252). ويُنظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/262). ، والشافعيَّة [8195] ((المجموع)) للنووي (5/213)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/345). ، والحَنابِلَة [8196] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/378)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/109).
الأدلَّة:
أولًا: من الآثار
عن عَبَّادِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبير: (أنَّ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، أمَرَتْ أن يُمَرَّ بجِنازة سعد بن أبي وقَّاصٍ في المسجدِ، فتُصلِّيَ عليه) [8197] أخرجه مسلم (973).
ثانيًا: لأنَّ المرأةَ مخاطَبةٌ بأحكامِ الشريعة كالرَّجُل؛ فالأصلُ أنَّ الأحكامَ عامَّةٌ للذكورِ والإناث، إلَّا ما جاء الدَّليلُ فيه بتخصيصِ أحدِهما بحُكم معيَّنٍ [8198] ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة- المجموعة الأولى)) (8/415).
ثالثًا: لأنَّ ذلك فيه دعاءٌ للميِّت، وأجرٌ للمُصَلِّي؛ فشُرعِ للمرأةِ أيضًا [8199] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/114).
رابعًا: أنَّه لا يُوجَد دليلٌ شرعيٌّ يَمنعُ المرأةَ من الصَّلاةِ على الجِنازة [8200] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/134).
المسألة الثانية: إذا لم يحضُرِ الميِّتَ إلَّا النِّساءُ
إذا لم يحضُرِ الميِّتَ إلَّا النِّساءُ؛ فإنَّه يجبُ عليهنَّ الصَّلاةُ عليه، ويَسقطُ الفرضُ بفِعلِهنَّ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنفيَّة [8201] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/136). ويُنظر: ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/60). ، والمالِكيَّة [8202] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/252). وعندهم (إذا لم يوجد مَن يُصلِّي على الميِّت إلَّا النساء؛ فإنهنَّ يُصلِّينَ عليه أفذاذًا دفعةً، ولا نظر لتفاوُتِ تكبيرهنَّ، ولا لسَبقِ بَعضِهنَّ بعضًا بالتَّسليم. وقيل: تؤمُّهنَّ واحدةٌ منهنَّ، كما نقله اللخمي عن أشهب؛ لأنَّه محلُّ ضرورةٍ، أو مراعاة لِمَن يرى جوازَ إمامةِ المرأةِ النِّساءَ). ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/144). ، والشافعيَّة [8203] ((المجموع)) للنووي (5/213)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/345). ، والحَنابِلَة [8204] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/238)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/378). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [8205] قال النوويُّ: (إذا لم يحضرْه إلا النِّساءُ فإنَّه يجب عليهنَّ الصَّلاةُ عليه بلا خلافٍ، ويسقُطُ الفرض بفعلهنَّ حينئذ بلا خلافٍ). ((المجموع)) (5/213).
وذلك للآتي:
أولًا: قياسًا على سائرِ الصَّلوات [8206] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/238).
ثانيًا: يجبُ أن يُصلِّينَ عليه مع عدَمِ الرِّجالِ؛ لضرورةِ الخروجِ عن عُهدةِ الفَرْضِ [8207] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/238).
الفرع الرَّابع: حُكمُ المسبوقِ في صلاةِ الجِنازة
المسألة الأولى: المسبوقُ الذي فاتَتْه بعضُ التكبيراتِ
اختَلفَ أهلُ العِلمِ في قضاءِ المسبوقِ ما فاتَه مِنَ التكبيراتِ، على قولين:
القول الأوّل: يأتي بها بعدَ سلامِ الإمامِ، ولا تصحُّ صلاتُه إلَّا بتدارُكِها [8208] أمَّا إذا رُفِعَتِ الجِنازَة قبل أن يُتِمَّ المسبوق، فالصلاةُ صحيحةٌ عند الشافعيَّة ويُتمُّ صلاتَه، وعند المالكيَّة تتحوَّل إلى صلاة الغائب، وعند الحنفيَّة باطلة. ينظر: ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/126)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/119)، ((المجموع)) للنووي (5/242). ، وهو مذهبُ الجُمهور: الحَنفيَّة [8209] ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (221). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/314). ، والمالِكيَّة [8210] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/217). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/119). ، والشافعيَّة [8211] ((المجموع)) للنووي (5/241)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/344). ، وهو قولُ بعضِ السَّلف [8212] ((الأوسط)) لابن المنذر (5/494)، وينظر: (المجموع)) للنووي (5/243). ، واختاره ابنُ المنذرِ [8213] ((الأوسط)) لابن المنذر (5/494)، وينظر: (المجموع)) للنووي (5/243). ، وابنُ حزمٍ [8214] ((المحلى)) لابن حزم (3/410).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((إذا أُقيمتِ الصَّلاةُ فلا تَأتوها تَسْعَونَ، وأْتُوها تَمْشُون، وعليكم السَّكينةُ، فما أدركتُم فصلُّوا ، وما فاتكم فأتِمُّوا )) [8215] أخرجه البخاري (636)، ومسلم (602) واللفظ له.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ قولَه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((وما فاتكم فأتِمُّوا))، يعمُّ صلاةَ الجِنازة وغيرَها [8216] ((فتاوى نور على الدرب)) لابن باز (14/12).
ثانيًا: قياسًا على سائرِ الصَّلواتِ [8217] ((المغني)) لابن قدامة (2/369).
القول الثاني: يأتي بها بعدَ سلامِ الإمامِ استحبابًا، فإنْ خَشِي رفْعَ الجِنازة والَى التكبيرَ من غيرِ ذِكْرٍ، فإذا سلَّم ولم يقضِ ما فاته صحَّت صلاتُه، وهو مذهبُ الحَنابِلَة [8218] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/120). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/369). ، وقولُ طائفةٍ من السَّلف [8219] ((المغني)) لابن قدامة (2/369). ، وقولُ ابنِ عُثَيمين [8220] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/137). ؛ وذلك لأنَّها تكبيراتٌ مُتوالياتٌ حالَ القيامِ، فلم يجبْ قضاءُ ما فاتَه منها، كتكبيراتِ العيدِ [8221] ((المغني)) لابن قدامة (2/369).
المسألة الثانية: هلْ يُكبِّر المسبوقُ في الحالِ أمْ ينتظرُ التكبيرةَ المُستقبَلَة؟
المسبوقُ الذي أدركَ بعضَ الصَّلاةِ يُكبِّرُ في الحالِ، ولا يَنتظرُ التكبيرةَ المُستقبَلَة، وهو مذهبُ الشافعيَّة [8222] ((المجموع)) للنووي (5/243). ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/344). ، والحَنابِلَة [8223] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/120). ويُنظر: ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (1/888). ، وقولٌ للمالكيَّة [8224] قال ابنُ عبد البرِّ: (روَى أشهبُ عن مالك أنَّه يُكبِّر ولا ينتظِرُ الإمامَ ليكبِّر بتكبيره، وهو أحد قَوْلَيِ الشافعيِّ، رواه المزنيُّ، وبه قال الليثُ، والأوزاعيُّ، وأبو يوسُفَ). ((الاستذكار)) (3/36). ، وقال به بعض السَّلف [8225] ((المجموع)) للنووي (5/243). ، وهو قولُ أبي يوسُفَ من الحَنفيَّة [8226] ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 221). ، واختيارُ ابنِ المُنذِر [8227] ((الأوسط)) لابن المنذر (5/494) وينظر: ((المجموع)) للنووي (5/243). ، وابنِ حزمٍ [8228] ((المحلى)) لابن حزم (3/410). ، وابن عُثَيمين [8229] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/136).
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ السُّنَّة
عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((فما أدركتُم فصلُّوا )) [8230] أخرجه البخاري (636)، ومسلم (602).
ثانيًا: قياسًا على سائرِ الصَّلَواتِ [8231] ((المجموع)) للنووي (5/243).

انظر أيضا: