الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الخامِسُ: حُكْمُ حضورِ النِّساءِ للجماعَةِ في المَسْجِدِ، وشُروطُه


الفَرْعُ الأَوَّل: حُكْمُ حضورِ النِّساءِ للجماعَةِ في المسجِدِ
يُباحُ للنِّساءِ حضورُ الجماعةِ في المساجدِ، وإنْ كانتْ صلاتُها في بيتِها خيرًا لها وأفضلَ ((المغني)) لابن قدامة (2/149)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/456). ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة الحنفيَّة رخَّصوا للعجائزِ في الخروجِ لصلاة الفجر والمغرب والعشاء والعِيدين، واختلفوا في الظهر والعصر والجُمُعة، أمَّا الشَّوابُّ فلم يُرخِّصوا لهنَّ في الخروج للمسجد. ((الهداية)) للمرغيناني (2/354)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/275)، ((درر الحكام)) لملا خسرو (1/86). ، والمالِكيَّة عند المالكيَّة خروجُ الشابَّة إلى المسجد خلافُ الأَولى. ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/451)، ((حاشية الدسوقي)) (1/335)، وينظر: ((حاشية الصاوي)) (2/259)، ((الاستذكار)) لابن عبد البر (2/469)، ((التمهيد)) لابن عبد البر (23/401). والشافعيَّة وخصَّ الشافعيَّة الإباحةَ بالعجائز إذا كنَّ غير مُشتَهَياتٍ. ينظر: ((المجموع)) للنووي (4/199). والحَنابِلَة واستثنى الحنابلةُ المرأة الحسناءَ، فقالوا بكراهةِ حُضورها جماعةَ الرجال. ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/465)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/41). وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/149)،
الأدلَّة: 
أَدِلَّةُ إباحَةِ حُضُورِ النِّساءِ للجَماعَةِ في المسجِدِ:
1- عن ابن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَمْنَعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ ))  [4152]رواه البخاري (900)، ومسلم (442).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه يلزمُ من النَّهيِ عن منعهنَّ مِن الخروجِ إباحتُه لهنَّ؛ لأنَّه لو كان ممتنعًا لم يَنهَ الرِّجالَ عن منعهنَّ منه ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 119، 120).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالتْ: ((إنْ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليُصلِّي الصبحَ فيَنصرِفُ النساءُ متلفِّعاتٍ بمُروطهنَّ، ما يُعرَفْنَ من الغَلَس )) أخرجه البخاري (867)، ومسلم (645).
3- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنِّي لأقومُ إلى الصَّلاةِ، وأنا أُريدُ أن أُطوِّلَ فيها، فأسمعَ بُكاءَ الصبيِّ، فأتجوَّزَ في صلاتي؛ كراهةَ أن أشقَّ على أمِّه )) رواه البخاري (707).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ النساءَ كنَّ يَشهَدْنَ الصَّلاةَ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المسجِدِ، وأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَعلمُ ذلك؛ فدلَّ على أنَّ حُضورهنَّ الجماعةَ معه غيرُ مكروهٍ، ولولا ذلك لنهاهنَّ عن الحضورِ معه للصَّلاةِ ((فتح الباري)) لابن رجب (5/308).
الأَدِلَّةُ على كونِ البيتِ أفضلَ للمرأةِ:
1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَمنعوا نِساءَكم المساجدَ، وبيوتُهنَّ خيرٌ لهنَّ )) رواه أبو داود (567)، وأحمد (2/76) (5468)، وابن خزيمة (1684) صحَّحه النوويُّ في ((المجموع)) (4/197)، وابن دقيق في ((الاقتراح)) (91)، وصحَّح إسناده أحمدُ شاكر في تحقيق ((المسند)) (7/234)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (567).
2- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صلاةُ المرأةِ في مَخدعِها [4158] الْمَخْدَع- تُضَم ميِمُه وتُفتح وقيل: تُكسر أيضًا-: هو البيتُ الصَّغير الذي يكون داخلَ البيت الكبيرِ، وهو بيتٌ صغيرٌ يُحرَز فيه الشيءُ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/14)، ((المصباح المنير)) للفيومي (1/165). أفضلُ من صلاتِها في بيتِها، وصلاتُها في بيتِها أفضلُ من صلاتِها في حُجرتِها )) رواه أبو داود (570)، والبزار (5/428) (2063)، وابن خزيمة في ((الصحيح)) (1690) احتجَّ به ابنُ حزم في ((المحلى)) (4/201). وصحَّح إسنادَه على شرطِ مسلم النوويُّ في ((المجموع)) (4/198)، وجوَّد إسنادَه ابنُ كثير في ((تفسير القرآن)) (6/406)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (570)، والوادعي على شرط مسلم في ((الصحيح المسند)) (865).
الفرعُ الثَّاني: شروطُ خروجِ المرأةِ إلى المسجدِ
المسألةُ الأولى: ألَّا تخرُجَ مُتطيِّبةً أو متزيِّنةً
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أيُّما امرأةٍ أصابتْ بَخُورًا، فلا تَشْهَدَنَّ معنا العِشاءَ الآخِرةَ )) رواه مسلم (444).
2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((لا تَمْنَعوا إماءَ الله مساجدَ اللهِ، ولكن ليخرُجْنَ وهنَّ تَفِلاتٌ تَفِلات: أي: تاركات الطِّيب. ((المجموع)) للنووي (4/199). )) رواه أبو داود (565) وأحمد (9645)، والدارمي (1315)، وابن خزيمة في ((الصحيح)) (1679) قال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (24/174): محفوظ، وحسن إسناده النووي في ((المجموع)) (5/8)، وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (5/46)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (515)، وحسنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1292)
3- عن زَينبَ الثقفيَّةِ امرأةِ ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه وعنها، قالت: قال لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا شهِدَتْ إحداكنَّ المسجدَ، فلا تمسَّ طِيبًا )) رواه مسلم (443).
ثانيًا: أنَّ في خروجِ المرأةِ وهي متطيِّبةٌ أو عليها شيءٌ من الزِّينة، ما يُخشى معه الافتتانُ بها ((البيان)) للعمراني (2/366).
المسألة الثَّانية: أن تخرُجَ إلى المسجدِ بإذنِ زَوْجِها
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا استأذَنتْ قال ابنُ عُثيمين: (المرأة لا تخرُج إلى المسجد إلَّا باستئذان زوجها؛ لقوله: ((إذا استأذنتْ)) ووجه الدَّلالة أنَّ هذه الصِّيغة تدلُّ على أنَّ مِن عادتهم أن تستأذنَ المرأةُ مِن وليِّها أن تذهب إلى المسجد). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (15/57). أحدَكم امرأتُه إلى المسجدِ، فلا يَمنعْها )) [4166] رواه البخاري (5238)، ومسلم (442).
2- عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كانتِ امرأةٌ لعُمرَ تشهَدُ صلاةَ الصَّبحِ والعِشاءَ في الجماعةِ في المسجدِ، فقيل لها: لِمَ تَخرُجينَ وقد تَعْلمينَ أنَّ عُمرَ يَكرهُ ذلك ويغارُ؟! قالت: وما يَمنَعُه أن ينهاني؟ قال: يمنَعُه قولُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَا تَمنَعوا إماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ )) رواه البخاري (900)، ومسلم (442).
وجْهُ الدَّلالةِ من الحَديثينِ:
فيه دليلٌ على أنَّ للزوج مَنْعَهنَّ من ذلك، وأنْ لا خُروجَ لهنَّ إلَّا بإذنه، ولو لم يكُن للرجل منْعُ المرأةِ من ذلك لخُوطِبَ النساءُ بالخروجِ، ولم يُخاطبِ الرِّجالُ بالمنعِ، كما خُوطِبَ النساءُ بالصَّلاةِ ولم يُخاطَبِ الرجالُ بأنْ لا يمنعوهنَّ منها ((المنتقى))‏ للباجي (1/342).
ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رجب قال ابنُ رجب: (لا نعلم خلافًا بين العلماء: أنَّ المرأة لا تخرج إلى المسجد إلَّا بإذن زوجها، وهو قولُ ابن المبارك، والشافعيِّ، ومالك، وأحمد وغيرهم، لكن من المتقدِّمين مَن كان يَكتفي في إذْن الزوج بعِلمه بخروجِ المرأة من غير منْع؛ كما قال بعض الفقهاء: إنَّ العبد يصير مأذونًا له في التجارة بعِلم السيِّد بتصرُّفه في ماله من غير منْع). ((فتح الباري)) (5/318، 319).
ثالثًا: أنَّ حقَّ الزوج في ملازمةِ المسكنِ واجبٌ؛ فلا تتركُه للفضيلةِ ((المجموع)) للنووي (4/199).
فائدة: حُكم إذنِ الزوجِ لزوجتِه إذا استأذنتْه للخروجِ إلى المسجِدِ
اختَلف أهلُ العِلمِ في إذنِ الزوجِ لزوجتِه إذا استأذنتْه للخروجِ إلى المسجِدِ قال ابن رجب: (هذا لا بدَّ مِن تقييده بما إذا لم يخفْ فتنةً أو ضررًا). ((فتح الباري)) (5/319). ، على قولين:
القول الأوّل: يُستحبُّ للزوجِ أن يأذنَ لزوجتِه إذا استأذنتْه في الخروجِ إلى المسجدِ للصلاةِ إذا أُمِنتِ الفتنةُ، فإنْ منَعَها لم يحرُمْ عليه منعُها، وهو مذهبُ المالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/451)، ((الشرح الكبير)) للدردير، مع ((حاشية الدسوقي)) (1/336)، وينظر: ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (17/629)، (4/377). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/199)، الشافعيَّة قالوا فيما إذا كانتْ عجوزًا. ، والحَنابِلَة ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلح (2/55)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/469)، إلَّا أنَّ الحنابلة، قالوا: إنْ علم أنه لا مانعَ ولا ضررَ حرُم المنعُ على وليِّ أمر الزوجة. ، وحُكي أنَّه قولُ عامَّة العلماءِ قال النوويُّ: (يستحبُّ للزوج أن يأذن لها إذا استأذنتْه إلى المسجد للصلاة إذا كانت عجوزًا لا تُشتهَى، وأمن المفسدة عليها وعلى غيرها؛ للأحاديث المذكورة، فإنْ منعها لم يحرمْ عليه، هذا مذهبنا، قال البيهقيُّ: وبه قال عامَّةُ العلماء) ((المجموع)) (4/199)
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَمْنعوا إماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ )) أخرجه البخاري (900)، ومسلم (442).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ النهيَ للتَّنزيهِ ((المجموع)) (4/199).
وذلك لِمَا يلي:
أولًا: لو كان إذنُ الزَّوجِ واجبًا لانْتفَى معنى الاستئذانِ؛ لأنَّ ذلك إنَّما يتحقَّق إذا كان المستأذنُ مخيَّرًا في الإجابةِ أو الردِّ ((فتح الباري)) لابن حجر (2/384).
ثانيًا: أنَّ حقَّ الزوجِ في ملازمةِ المسكنِ واجبٌ؛ فلا تتركه للفضيلةِ ((المجموع)) للنووي (4/199).
ثالثًا: لو كان المنعُ حرامًا لكان من حقِّ الزوجةِ أن تخرُجَ إلى المسجدِ دون إذنِ زَوجِها، شاءَ أو أبَى ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (17/629)
القول الثاني: يجبُ على الزوجِ أنْ يأذنَ لزوجتِه إذا استأذنتْه إلى المسجدِ للصلاةِ، إذا أُمِنت الفتنةُ ولا يعني هذا جوازَ خروجِها بدونِ إذنِه. ، وهو قولُ ابنِ عبد البرِّ قال ابنُ عبد البَرِّ: (قد جاءتِ الآثارُ الثابتةُ تخبر بأنَّ الصلاة لهنَّ في بيوتهنَّ أفضلُ، فصار الإذن لهنَّ إلى المسجد، وإذا لم يكُن للرجل أن يمنعَ امرأته المسجد إذا استأذنتْه في الخروج إليه كان أوْكدَ أن يجب عليه أنْ لا يمنعها الخروج لزيارة مَن في زيارته صِلة لرَحِمها، ولا مِن شيء لها فيه فضْل، أو إقامة سُنَّة وإذا كان ذلك كذلك، فالإذن ألزمُ لزوجها إذا استأذنتْه في الخروج إلى بيت اللهِ الحرام للحج) ((التمهيد)) (24/281). ، وابنِ حزم قال ابنُ حزمٍ: (ولا يحلُّ لوليِّ المرأة، ولا لسيِّد الأمَة منعُهما من حضور الصَّلاة في جماعةٍ في المسجد، إذا عرَف أنَّهن يُرِدْنَ الصلاة، ولا يحلُّ لهنَّ أن يخرُجْنَ متطيِّبات، ولا في ثياب حِسان؛ فإنْ فعلت فليمنعْها، وصلاتهن في الجماعة أفضلُ من صلاتهنَّ منفردات) ((المحلى)) (2/170). ، والشوكانيِّ قال الشوكانيُّ: (وقد حصَل من الأحاديث المذكورة في هذا الباب أنَّ الإذن للنساء من الرجال إلى المساجد إذا لم يكُن في خروجهنَّ ما يدعو إلى الفِتنة- من طِيب أو حُلي، أو: أي زِينة- واجبٌ على الرجال، وأنه لا يجبُ مع ما يدعو إلى ذلك ولا يجوز، ويحرمُ عليهنَّ الخروج؛ لقوله: «فلا تَشهَدْنَ»، وصلاتهنَّ على كلِّ حال في بيوتهنَّ أفضلُ من صلاتهنَّ في المساجد») ((نيل الأوطار)) (3/158). ، والشِّنقيطيِّ قال الشنقيطيُّ: (الذي يظهر لي في هذه المسألة: أنَّ الزوج إذا استأذنتْه امرأتُه في الخروج إلى المسجد، وكانت غيرَ متطيِّبة، ولا متلبِّسة بشيءٍ يستوجب الفتنة ممَّا سيأتي إيضاحه إنْ شاء الله- أنَّه يجبُ عليه الإذن لها، ويحرمُ عليه منعها للنهي الصَّريح منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن منعها من ذلك، وللأمرِ الصريح بالإذن لها، وصيغة الأمْر المجرَّدة عن القرائن تقتضي الوجوبَ، كما أوضحناه في مواضعَ من هذا الكتاب المبارك، وصيغة النَّهي كذلك تَقتضي التحريم، وقد قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ **النور: 63**، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إذا أمرتُكم بشيءٍ فأتوا منه ما استطعتُم، وإذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجتنبوه»، إلى غير ذلك من الأدلَّة، كما قدَّمنا). ((أضواء البيان)) (5/542). ، وابنِ باز قال ابنُ باز: (للمرأة أن تُصلِّي في المسجدِ مع التستُّر وعدم الطِّيب، وليس لزوجها منعُها من ذلك إذا الْتزمتْ بالآداب الشرعيَّة). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (12/79-80). ، وابنِ عُثَيمين قال ابنُ عُثيمين: (يَحرُم على الوليِّ أن يمنع المرأة إذا أرادتِ الذَّهاب إلى المسجد لتصلِّيَ مع المسلمين، وهذا القولُ هو الصَّحيح، لكن إذا تغيَّر الزمان فينبغي للإنسان أن يُقنعَ أهله بعدم الخروج، حتى لا يخرجوا، ويسلم هو من ارتكاب النهي الذي نهى عنه الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم). ((الشرح الممتع)) (4/201- 202).
الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا استأذنَتْ أحدَكم امرأتُه إلى المسجدِ فلا يَمنعْها))، وفي روايةٍ: ((إذا استأذنَكم نِساؤُكم باللَّيلِ قال الشِّنقيطيُّ: (في بعض رِواياته المتَّفق عليها تقييدُ أمْر الرجال بالإذن للنساء في الخروج إلى المسجد بالليل، وفي بعضِها الإطلاق وعدَم التقييد باللَّيل، وهو أكثرُ الرِّوايات، كما أشار له ابن حجر في الفتْح. وقد يتبادَر للناظرِ أنَّ الأزواجَ ليسوا مأمورين بالإذن للنِّساء إلَّا في خصوص الليل; لأنَّه أسترُ، ويترجَّح عنده هذا بما هو مقرَّر في الأصول من حمْل المطلَق على المقيَّد، فتحمل رِوايات الإطلاق على التقييد باللَّيل، فيختص الإذنُ المذكور باللَّيل. قال مقيِّده- عفا الله عنه وغفَر له-: الأظهرُ عندي تقديمُ روايات الإطلاق وعدم التَّقييد بالليل؛ لكثرة الأحاديث الصَّحيحة الدالَّة على حضورِ النساء الصلاةَ معه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غير الليل، كحديثِ عائشةَ المتَّفق عليه المذكور آنفًا الدالِّ على حضورهنَّ معه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الصبحَ، وهي صلاةُ نهار لا ليل، ولا يكون لها حُكم صلاة الليل؛ بسببِ كونهنَّ يرجعن لبيوتهنَّ لا يُعرفن من الغلس; لأنَّ ذلك الوقت من النهار قطعًا، لا من الليل، وكونه من النهار مانعٌ من التقييد بالليل، والعلمُ عند الله تعالى). ((أضواء البيان)) (5/544- 545). إلى المسجدِ فأْذَنوا لهنَّ))، وفي روايةٍ: ((فقال بلالُ بنُ عبدِ اللهِ: واللهِ لنمنعهنَّ! قال: فأقْبَلَ عليه عبدُ اللهِ فسَبَّه سبًّا سيِّئًا ما سمعتُه سبَّ مِثلَه قطُّ، وقال: أُخبِرُكُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتقول: واللهِ لنَمْنَعُهنَّ؟!)) رواه البخاري (5238)، ومسلم (442). والرواية الثانية: رواها البخاري (865)، ومسلم (442). والرواية الثالثة: رواها مسلم (442).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
هذا الفِعلُ مِن ابنِ عُمرَ يدلُّ على تحريمِ المنعِ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/202).
2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَمنعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ )) أخرجه البخاري (900)، ومسلم (442).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ النَّهي في الحديثِ للتحريم ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/201).
3- عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كانتِ امرأةٌ لعُمرَ تَشهَدُ صلاةَ الصُّبحِ والعِشاءِ في الجماعةِ في المسجدِ، فقيل لها: لِمَ تَخرُجينَ وقد تَعلمين أنَّ عُمرَ يَكره ذلك ويَغارُ؟! قالت: وما يمنعُه أن يَنهاني؟ قال: يَمنعُه قولُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَمنَعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ )) [4193] رواه البخاري (900)، ومسلم (442).

انظر أيضا: