قراءة وتعريف

الأحاديثُ المُشكِلةُ في الطبِّ النَّبويِّ
book
نورة بنت عبد الله الغملاس
عنوان الكتاب: الأحاديثُ المُشكِلةُ في الطبِّ النَّبويِّ
اسم المؤلف: نورة بنت عبد الله الغملاس
الناشر: المركز الوطني للطب البديل والتكميلي
النَّوع: رسالةُ دكتوراه- قسم الثقافة الإسلامية – كلية التربية جامعة الملك سعود
سنة الطبع: 1437 - 2016
عدد الصفحات: 402

التعريف بموضوع الكتاب

 إنَّ مِن أعظَمِ نِعَمِ اللهِ تعالى على عبادِه أنْ بعثَ إليهم رسُلًا وأنبياءَ هُداةً ومُبَشِّرينَ ومُنذِرينَ، يُرشِدونَ أقوامَهم إلى أسبابِ السَّعادةِ في الدُّنيا والآخرةِ، وقد تمثَّلَ ذلك أعظمَ تمثُّلٍ في بَعثةِ النبيِّ الخاتَمِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد ظهرَ حِرصُه على أمَّتِه في صُوَرٍ شَتَّى، ومن صُوَرِ هذا الحِرصِ ما وُجِدَ في ثنايا أحاديثِه مِن تَوجيهاتٍ اعتَنَت بصحَّةِ الأجسادِ ووقايتِها من الأمراضِ، غيرَ أنَّ هذا الإرثَ النبويَّ في الطبِّ قد ورد في ثناياه جُملةٌ من الأحاديثِ التي أشكَلَ فَهمُها على البعضِ، وادَّعَوا مُعارضَتَها لنصوصٍ شَرعيَّةٍ أخرى، أو للتَّجاربِ العِلميَّةِ.
 

وكتاب هذا الأسبوعِ ( الأحاديثُ المُشكِلةُ في الطبِّ النَّبويِّ) يبحَثُ في إزالةِ هذه الإشكالاتِ، وتَبيينِها للنَّاسِ وتنقِيَتِها مِن شوائِبِ الفَهمِ وخَطأ التَّأويل، من خلالِ جمعِ أقوالِ العُلَماءِ المتقَدِّمين والمتأخِّرينَ في الإجابةِ عنها ودَفْعِها، مصحوبًا ذلك بالتَّحقيقِ العِلميِّ والفَحصِ الموضوعيِّ، مع العنايةِ بأقوالِ المُختَصِّينَ بالطِّبِّ المعاصرِ ونَظرتِهم لحقيقةِ تلك الإشكالاتِ.
 

وقد اشتمل البحثُ على مقَدِّمةٍ، وتمهيدٍ، وأربعةِ أبوابٍ، وخاتمةٍ

فذكَرَت الباحثةُ في المقدِّمة أسبابَ اختيارِ الموضوعِ، ومنها:

- الفائدةُ العِلميَّةُ التي يمكِنُ أن تتحقَّقَ في بحثِ الموضوعِ.

- الرَّغبةُ في طَرقِ المَوضوعاتِ المُستجدَّة.

- الدِّفاعُ عن السنَّةِ النَّبويَّة حتى لا يجِدَ المُغرِضونَ في هذه الأحاديثِ بِضاعةً لهم، وغيرُها من الأسبابِ.

ثمَّ ذكَرَت أهدافَ البَحثِ والدِّراساتِ السَّابقةَ له، ثمَّ منهجيَّةَ البحث، وذكَرَت أنَّ المنهجَ المُتَّبع في البحثِ هو المنهجُ الاستقرائيُّ المُقارن، وَفق منهجيَّة العلومِ الشَّرعية.
 

ثمَّ التمهيد وتحدَّثت فيه عن تعريفِ مُشكِل الحديثِ، وعرَّفَته بأنه: الحديثُ المقبولُ الذي خَفِيَت دَلالتُه، أو تعارضَ ظاهِرُه مع نَصٍّ أو قاعدةٍ ثابتةٍ أو حقيقةٍ تاريخيَّةٍ.

ثم تكلَّمَت عن الفَرقِ بين مُشكِلِ الحديثِ ومُختلِف الحديثِ، وأهميَّة عِلم مُشكِل الحديث، وأهَمِّ مُصنَّفاته.

ثم عرَّفَت الطبَّ النبويَّ بأنَّه: مجموعُ ما ورد عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ممَّا له تعلُّقٌ بحِفظِ الصحَّةِ مِن داءٍ ودواءٍ، واستشفاءٍ وغِذاءٍ.

ثم ذكَرَت عددًا مِن كتُبِ الطبِّ النبويِّ، منها:

- رسالةُ الإمام علي الرضا، التي تُعدُّ أقدمَ الكتُبِ المؤلَّفة في الطبِّ النبويِّ.

- الطبُّ النبويُّ لعبد الملك بن حبيب.

 - الطبُّ النبويُّ لأبي نعيم، وغيرها.

ثمَّ تناولت بالبحثِ مسألةً مهِمَّةً، وهي أحاديثُ الطبِّ النبويِّ: هل هي وحيٌ من اللهِ أم اجتهادٌ مِن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ وذكَرَت أنَّ هناك رأيينِ في ذلك؛ رأيٌ يراها كغيرها من الأحاديثِ وحيًا مِن اللهِ تعالى، وأنَّها جزءٌ لا يتجزَّأ من السنَّة النبويَّة، ورأي آخرُ: يرى أنَّها اجتهادٌ منه صلَّى الله عليه وسلَّم في أمورٍ دُنيويَّة، هو فيها كغيره يُخطئُ ويُصيب.

وبعدَ ذِكرِ أدلَّةِ الفريقين ومناقَشتِها رجَّحَت أنَّ أحاديثَ الطبِّ النبويِّ جميعُها وحيٌ مِن اللهِ تعالى.
 

ثم كان ا لباب الأول وعنْوَنَت له بـ (الأحاديث المُشكِلة الواردة في الدَّاء)

وتناوَلَت فيه بالبحثِ والدِّراسة الأحاديثَ الواردةَ في نفيِ العدوى وإثباتِها، وبعد حديثٍ طويلٍ في جمع الأحاديثِ الواردة في إثباتِ العدوى، كقوله صلَّى الله عليه وسلم: ((لا يُورِدَنَّ مُمرِضٌ على مُصِحٍّ))، والأحاديثِ الواردةِ في نفي العدوى، كقوله صلَّى الله عليه وسلم: ((لا عَدوى ولا طِيَرةَ ولا غُولَ)) - ذكَرَت مسالِكَ العُلَماء في إزالةِ إشكالاتِها، ورأيَ الطبِّ الحديثِ، ثمَّ ختمَت الفصلَ بكلام للدكتور محمد علي البار: أنَّ الأمراضَ المُعدِية تنتقِلُ مِن مريضٍ إلى آخر بإحدى طرُقِ العدوى العديدةِ، وأنَّه لا عدوى بذاتِها؛ فالميكروبُ لا يستطيعُ بذاته أن يسبِّبَ المرَض، ولكنَّ هناك أسبابًا أخرى تجعلُه كذلك، فإذا توافَرت الأسبابُ كلُّها كان المرَضُ، وإذا تعارضت الأسبابُ فشَلَ الميكروب في هجومِه أيَّما فشَلٍ.

وكذلك تحدَّثَت عن الأحاديثِ الواردة في الطاعونِ واختلافاتِها، وذكرَت وجهَ الإشكالِ فيها، وهو أنَّ هذه الأحاديثَ تذكرُ أنَّ الطاعونَ مِن وَخزِ الجِنِّ، بينما الحقائقُ الطبيَّة الحديثةُ تبيِّنُ أنَّ الطاعون مرَضٌ وبائيٌّ معروفةٌ أسبابُه، وبعد ذِكرِ آراء العلماءِ وكلامِهم حول هذا الإشكالِ، ذكَرَت أنَّ الحقائقَ الطبيَّةَ حسَمَت الخلافَ في سبب الطاعونِ، أمَّا الأحاديثُ الواردةُ في أنَّ سببَ الطاعونِ هو وخزُ الجِنِّ، فهي لم تصِلْ إلينا بطريقٍ صحيحٍ ثابتٍ، وهي أحاديثُ ضعيفةٌ لا يستقيمُ أن تُعارَضَ بالحقائقِ الطبيَّة، وأوضَحَت أنَّ الأخذَ بهذه الأحاديثِ الضَّعيفةِ يفتحُ مجالًا للطَّعنِ في السنَّة النبويَّة.

ومِن المسائلِ التي تناولَتْها أيضًا خلال هذا البابِ: الأحاديثُ الواردةُ في الأمرِ بالخروج من أرضِ الدَّاءِ، والمنعِ من ذلك، والأحاديثُ الواردةُ في أنَّ العينَ حَقٌّ، وغيرُها من المسائل.
 

ثم الباب الثاني وخصَّصَته الباحثةُ لدراسة (الأحاديثِ المُشكِلة في التَّداوي)

ومن الأحاديثِ المُشكِلة التي ناقشَتها الباحثةُ في هذا الباب: أحاديثُ التداوي بالمحرَّمات، وذكرَت وجهَ الإشكالِ، وهو أنَّ الأحاديثَ التي رُوِيت في التداوي بالمحرَّمات ظاهِرُها التعارضُ؛ فبعضُها يدلُّ على تحريمِ التداوي بالمحرَّمات، كالخمر ونحوِ ذلك، كقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ اللهَ لم يجعَلْ شِفاءَكم في حرامٍ عليكم))، وبعضُها تضمَّنَ إباحةَ التداوي بالمحرَّمات، كلُبسِ الحرير والذهَبِ للرِّجال.

وبعد ذِكرِ الأحاديث ومسالكِ العُلماء في دفعِ الإشكالِ رجَّحَت الباحثةُ أنَّ الأحاديثَ الواردةَ تقتضي أنَّ وجهَ تحريمِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم للعلاجِ بالمحَرَّمات هو إذا كان العلاجُ على سبيلِ الظَّنِّ بنَفعِه، وعليه تُحمَلُ أحاديثُ تحريمِ التَّداوي بالخمر، أمَّا إذا ما كان على سبيلِ غلَبةِ الظَّنِّ بنَفعِه، كاتخاذِ أنفٍ مِن ذهَبٍ، واستخدامِ الحريرِ للجِلدِ المتَقَرِّح ونحو ذلك؛ فقد أباحه صلَّى الله عليه وسلم ولم ينهَ عنه، وكذلك يقاسُ عليه سائرُ الأدوية المحَرَّمة، فإذا ثبت فاعليَّةُ العلاج بنسبةٍ كبيرةٍ فيُباح التداوي به، وإن كان محرَّمًا.

ومن الأحاديثِ المُشكِلةِ المُتناوَلة بالبحثِ أيضًا: الأحاديثُ الواردة في حُكم التداوي وهل يُنافي التوكُّلَ، والأحاديثُ الواردةُ في حصرِ الشِّفاءِ في ثلاثٍ.

وعند مُناقشتِها للأحاديثِ الواردة في التداوي بأبوالِ الإبلِ أشارت إلى أمرٍ مهِمٍّ، وهو أنَّه لا بدَّ أن نُقِرَّ أنَّه قبل أن يقولَ العلمُ كَلِمتَه فإنَّ الأحاديثَ النبويَّةَ الصحيحةَ لا بُدَّ مِن قَبولِها سواءٌ ظهَرَت لنا مُوافقَتُها للعلمِ التجريبيِّ أم خَفِيَت علينا، وأنَّ مجرَّدَ ادِّعاءِ مُخالفةِ الحديث للعقلِ ليس حُكمًا عِلميًّا.

ثم ذكَرَت أنَّ من المؤكَّدِ تاريخيًّا أنَّ كلَّ الحضاراتِ القديمةِ قد لجأَت إلى استخدامِ البولِ، واستخدَمَه العربُ في علاجهم، ثمَّ ذكَرَت بعضَ الأبحاث العِلميَّة التي أثبَتَت صِدقَ كلام النبيِّ، ومن أبرزِ هذه الأبحاثِ بحثٌ بعنوان (جزئيَّات متناهية الصِّغَر في أبوال الإبلِ تهاجِمُ الخلايا السَّرطانيَّة) للدكتورة فاتن خورشيد، التي توصَّلَت مع فريقٍ عِلميٍّ في مركزِ الملك فهد للبحوث إلى استخلاصِ دواءٍ مِن بولِ الإبلِ يعالجُ سبعةَ أنواع من السَّرطانات، وتمَّ تسجيلُ براءة اختراع لها في ثلاثٍ وخمسين دولةً أوروبيَّة، وأمريكا والصين والخليج.

وذكَرَت الباحثة كذلك أنَّ هناك أكثرَ مِن ثمانية وستين بحثًا يتطرَّقُ إلى العديد من الفوائدِ الطبيَّة والدِّراسات الفيزولوجيَّة لآلية ونوعيَّة أبوال الإبل.

ومن المسائل المبحوثة كذلك في هذا الباب: الأحاديثُ الواردةُ في التداوي بالعَسَل للمَبطونِ، والأحاديثُ الواردة في التداوي بالماءِ للحُمَّى، وغيرُها من المسائل.
 

ثم كان الباب الثالث وعُنِيَت فيه بدراسةِ (الأحاديثِ المُشكِلة في الأشفِيَة المعنويَّة)، ومن الأحاديثِ التي بحثَتها في هذا الفصل الأحاديثُ الواردةُ في الرُّقْية، وذكَرَت أنَّ وجهَ الإشكالِ فيها أنَّ ظاهِرَ هذه الأحاديثِ التعارضُ فيما بينها؛ فبينما تشيرُ بعض الأحاديث إلى نهيِه صلَّى الله عليه وسلَّم عن الرُّقَى ومَدحِه لِمَن ترَكَها، وأنَّها تُنافي التوكُّلَ- يوجَدُ في المقابل أحاديثُ أخرى تبيِّنُ إذنَه في الرُّقَى وأمْرَه بها، بل إنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم رَقَى ورُقِيَ، وقد رجَّحَت الباحثةُ مسلَكَ الجمعِ بين هذه الأحاديثِ، وأنَّ الجمعَ يقتضي حملَ النَّهيِ على من يطلُبُ الرُّقْيةَ، وهو معنى اللفظِ الوارد في الحديثِ: ((لا يَستَرقُونَ))، أي: لا يطلُبونَ مِن غيرِهم أن يَرقِيَهم، وطلَبُ الرُّقيةِ وإن كان جائزًا في الأصلِ، إلَّا أنَّ هذا الحديثَ يرشِدُ المسلمَ إلى أنَّه إن استطاع أن يرقِيَ نفسَه فهو أفضَلُ؛ لِمَا فيه من التوكُّلِ على اللهِ وقوَّةِ الثِّقةِ به، وقد كان النبيُّ يَرقي نفسَه، ورقاه جبريلُ عليه السَّلامُ.

ومن الأمور التي بحثَتها كذلك: الأحاديثُ الواردة ُفي حَصرِ الرُّقيةِ في العَينِ والحُمَة، والأحاديثُ الواردةُ في النَّفثِ في الرُّقى، وغير ذلك.
 

أما الباب الرابع والأخيرُ، فكان لدراسة (الأحاديثِ المُشكِلة في الغذاءِ)، ومن الأحاديث المُشكِلة التي تناوَلَتها بالدِّراسة الأحاديثُ الواردةُ في الشُّربِ قائمًا والنهيِ عنه، وبعد أن ذكَرَت الأحاديثَ الواردةَ في الشُّربِ قائمًا التي منها قولُ عبد الله بن عبَّاس: ((سَقَيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن زمزم، فشَرِب وهو قائمٌ))، والأحاديثَ الواردةَ في النَّهيِ عن الشُّربِ قائمًا، التي منها قولُ الرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلم: ((لا يشربَنَّ أحَدٌ منكم قائمًا، فمن نسيَ فليَستَقِئْ))- بيَّنَت وجهَ الإشكالِ وأنَّ الأحاديثَ تَحمِلُ فيما بينها تعارضًا ظاهريًّا فقط، وأنَّ الرَّاجِحَ في حلِّ الإشكالِ هو مسلَكُ الجمعِ بين هذه الأحاديثِ، وأنَّ الشُّربَ قائمًا منهيٌّ عنه ومكروهٌ كراهةَ تنزيهٍ، ولكِنَّ فِعلَه صلَّى الله عليه وسلَّم يقتضي جوازَه؛ منعًا للحرَجِ على المُسلمينَ، وتوسِعةً لهم في أمورِ مَعاشِهم ودُنياهم.

ومن الأحاديثِ المُشكِلة التي تناوَلَتْها كذلك بالبحثِ في هذا البابِ: الأحاديثُ الواردةُ في التنفُّسِ في الإناءِ، والأحاديثُ الواردةُ في الشُّربِ مِن في السِّقاءِ، وغير ذلك
 

ثم كانت الخاتمةُ وتناولَت فيها أهمَّ النَّتائِج، ومنها:

- أنَّ الأحاديثَ المُشكِلةَ في مجال الطبِّ النبويِّ قليلةٌ جِدًّا مُقارَنةً بالأحاديثِ الأخرى.

- أنَّ النَّظرَ الصحيحَ والفهمَ السَّليمَ والرُّجوعَ لقواعد اللُّغةِ وأقوالِ أهلِ العلمِ؛ كفيلٌ بإزالةِ جميع هذه الإشكالاتِ.

- أنَّ الطبَّ النبويَّ يشكِّلُ منظومةً مُتكاملةً في العلاجِ، تضمَنُ للإنسانِ حياةً صحيَّةً سليمةً مِن جميع النواحي.
 

كما أوصَت ببعض التوصِيات المُهمَّة، ومنها:

- ضرورةُ العنايةِ بفَحصِ وتمحيصِ أحاديثِ الطبِّ النبويِّ، وتمييزِ الصحيحِ مِن الضعيفِ.

- عملُ موسوعةٍ خاصَّةٍ بأحاديثِ الطبِّ النبويِّ تجمعُ الأحاديثَ وتستوفي طرُقَها والحُكم عليها، تكونُ مَرجِعًا لِمن أراد الاستفادةَ منها.

والكتاب جيد في بابه