قراءة وتعريف

فصلُ المقال في حقيقة البِدعة التي طال حولَها الجِدال
book
جيلان بن خضر غمدا
عنوان الكتاب: فصلُ المقال في حقيقة البِدعة التي طال حولَها الجِدال
اسم المؤلف: د. جيلان بن خضر غمدا
الناشر: دار البصيرة - الإسكندرية
سنة الطبع: 1437 – 2016م
عدد الصفحات: 791

التعريفُ بموضوعِ الكتابِ

لَمَّا كان الإحداثُ في الدِّينِ مِن الأمورِ العِظامِ؛ لِما فيه من افتراءٍ على الشَّريعةِ، وطَمسٍ لمعالمِ الدِّينِ، واتِّباعٍ لغيرِ سَبيلِ المُؤمِنينَ- توالتِ المصَنَّفاتُ مِن أهل العِلمِ قديمًا وحديثًا في بيانِ حقيقةِ البِدعةِ وضوابطِها، والحُكمِ الشرعيِّ فيها، فكانت هذه القضيةُ وجهةَ هذا الكتابِ.

وكتابُ هذا الأسبوعِ (فصل المقال في حقيقة البدعة التي طال حولها الجدال) يَعرِضُ  لقضيةِ الابتداعِ في  الدِّينِ ومَسائِلِه الشَّرعيَّة بشَكلٍ مفَصَّل.

وقد قسَّمَ المؤلِّفُ الكتابَ إلى مقدِّمةٍ وعشرةِ فُصولٍ وخاتِمةٍ.

ففي الفصل الأول الذي عَنْوَن له المؤلِّفُ بـ (تعريف البدعة لغةً وشرعًا) كان الحديثُ عن معنى البِدعةِ لُغةً وشَرعًا، وكيفيَّةِ التَّوفيقِ بين أقوالِ العُلَماءِ في حَدِّ البدعةِ المَذمومة.

- ورجَّحَ في حدِّها : "أنَّها ما أُحدِثَ في الدِّينِ مِن غيرِ دَليلٍ"،  وسلك في الجَمعِ بين أقوالِ العُلَماءِ في حَدِّها مَسلَكينِ:

 مسلكَ التَّوفيقِ، ومَسلَكَ التَّرجيحِ، ورجَّحَ أنَّ مَسلَك التوفيقِ بين أقوالِهم في حدِّ البدعةِ هو المقَدَّم، وأنَّ خِلافَهم يدورُ على أمرٍ لفظيٍّ لا حُكميٍّ، وأنَّ مآلَ القولينِ واحدٌ، وأنَّ الخِلافَ لَفظيٌّ .

ثم افتتح الفصل الثاني الذي كان تحت عنوان: (في الحثِّ على الاعتصامِ بالكتابِ والسنَّة والتَّحذير من الابتداعِ)  

وبيَّنَ فيه إطلاقاتِ العُلَماءِ لِمُصطلحِ السُّنَّة، وبيَّنَ أنَّها تُطلَقُ على اصطلاحاتٍ متعَدِّدةٍ؛ منها:

- ما يُرادِفُ الخبر والحديث.

- ما يقابِلُ الواجِبِ، وهو المستحَبُّ.

- ما يُقابِلُ البِدعةَ.

وعقد مبحثًا في الأدلَّةِ الواردةِ في الوحيَينِ، الدالَّةِ على وجوبِ الاعتصامِ بهما:

ومن أوضَحِ تلك النصوصِ التي أوردها:

-  قولُه تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].

- وقَولُ أمِّ المُؤمِنينَ عائشةَ رَضِيَ الله عنها عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((من أحدثَ في أمْرِنا هذا ما ليس منه، فهو رَدٌّ)).

ثمَّ ختَمَه بأضرارِ البِدَعِ وآثارِها السيئةِ، وكان من أقبحِ هذه الأضرارِ:

- عدمُ قبولِ الأعمالِ.

- اتِّهامُ الدِّينِ بالنَّقصِ.

- اتِّهامُ اللهِ ورَسولِه بالنِّسيانِ.

وفي فصله الثالث (أسباب البِدَع وتفاوُت مراتِبها) نبَّه المؤلِّفُ على خطورةِ التوسُّعِ في مفهومِ البِدعةِ، وأن نرميَ بالابتداعِ كلَّ مَن خالَفَنا في مسألةٍ مِن المسائِلِ الجُزئيَّة، وأنَّ التعامُلَ مع المُبتَدِعة يتنوَّعُ بتنوُّعِ البِدَعِ، فمِن مواقِفِهم: قِتالُهم، وتأديبُهم، وإعلانُ البراءة منهم.

وختم الفصلَ بمناقَشةِ مَن لا يرى عدمَ اختلافِ المواقِفِ في التعامُلِ مع المبتَدِعة، وبيَّنَ أنَّ هؤلاء لم يفهَموا مقاصِدَ العُلَماءِ، ولم يَفهَموا الحِكمةَ التي مِن أجلِها شُرِعَ الهَجرُ للمُبتَدِع.

وفي الفصل الرابع كان البحثُ لقضيَّةٍ هامَّةٍ من قضايا عِلمِ أصولِ البِدعةِ، وهي (ضوابط البِدعة التي يَخرُج بها المُسلِم عن الفِرقةِ النَّاجية)

وقد تحدَّثَ في هذا الفصلِ عن عدَّةِ قضايا هامَّةٍ؛ منها:

- ضوابِطُ البِدَع التي يخرج بها المُسلِمُ عن الفرقةِ النَّاجية، فافتتَحَها بأهميَّةِ تحديدِ تلك الضَّوابطِ وخطَرِ إهمالِها؛ لِما فيه من الفسادِ في الدِّين والدنيا. ومن الضَّوابط التي نبَّه عليها:

- تحديدُ أصولِ الفِرَق الضالَّة.

- تحديدُ ما يجِبُ اعتقادُه والإيمانُ به، وأنَّ مَن لم يؤمِنْ به يخرجُ مِن كونِه من أهلِ السنَّة والجماعةِ.

 ثم  أتبَعَ هذه الضوابِطَ بشُروطٍ سَبعةٍ لا نحكُمُ بالابتداعِ إلَّا على من استوفاها، ومن أهمِّها:

- أن تكونَ المخالفةُ في أصلٍ كُلِّيٍّ.

- أن تقعَ المُوالاةُ والمعاداةُ عليها.

- ألَّا يكونَ تأويلُه سائغًا.

وأمَّا  الآدابُ التي ينبغي مراعاتُها عند الحُكمِ بالتبديعِ، فمن أهمِّ ما ذكَره:

- إخلاصُ النيَّةِ لله.

- التحلِّي بالصبرِ.

- التثبُّت والتحرِّي قبل الحُكم.

وختم الفَصلَ بالحديثِ عن المنهجِ الوسطيِّ في التعامُلِ مع المخالفينَ، فقرَّرَ فيه أنَّ المنهجَ السَّليمَ وَسَطٌ بين منهجِ التَّساهُل- الذي يمنَعُ التبديعَ، ويرى أنَّ الرَّدَّ على المخالفِ مما يشَتِّتُ الصَّفَّ- ومَنهجِ الغُلوِّ والتشَدُّد والتوسُّعِ في استعمالِ الجَرح والتَّبديعِ.

وجاء الفصل الخامس باحثًا لأصولِ هذا العِلمِ، وعنْونَ له بـ (أصول البِدَع وأقسامِها وشروطها)

فبيَّنَ فيه أنَّ البِدَع تعود إلى أصولٍ ثلاثةٍ:

- الأصلُ الأول: التقرُّب إلى اللهِ بما لم يَشرَع.

- الأصلُ الثاني: الخروجُ على نظام الدِّين.

- الأصلُ الثالث: الذَّرائعُ المُفضِية إلى البِدَع.

وأوضحَ فيه أيضًا أن البِدَع تنقسِمُ إلى أقسامٍ مُتعَدِّدة باعتباراتٍ شَتَّى؛ فمنها إضافيَّة وحقيقيَّة، ومنها كليَّة وجزئيَّة، وبيَّنَ أنَّ العُلَماء لا يختَلِفونَ في هذه الأقسامِ، لكن قد يتوقَّفُ بعضهم في أفرادِها.

وبيَّنَ أنَّ للبدعةِ شُروطًا ثلاثة:

- قَصْدُ التعبُّدِ في الأمرِ المُبتَدَع.

- اعتقادُ مَشروعيَّةِ العَمَل وكونِه قُربةً.

- عدمُ استنادِ الإحداثِ في الدينِ إلى أصلٍ شَرعيٍّ.

وأمَّا الفصل السادس فجعَلَه تحت عنوان (ضوابط البدعة)، ومن أهم تلك الضوابطِ التي تحدَّث عنها:

- تغييرُ ما شُرِعَ مُطلقًا أو تخصيصُ ما شُرِعَ عامًّا: يجعَلُه بِدعةً.

- إحداثُ شِعارٍ جديدٍ في الدينِ: يعَدُّ ابتداعًا.

- استحداثُ ما لا يتِمُّ الواجِبُ بدونِه: لا يسمَّى ابتداعًا شَرعًا.

وجاء الفصل السابع بعنوان (الأدلَّة على أنَّ التَّركَ الرَّاتبَ سُنَّةٌ مُتَّبعةٌ وأنَّ مخالفَته تعَدُّ ابتداعًا شرعًا)

وعَرَّفَ المتروكَ بـ "أن يسكُتَ النبيُّ عن الفِعلِ غيرِ الجِبليٍّ، مع قيام المُقتَضي وعدَمِ المانِعِ، وألَّا يكونَ المتروكُ حَقًّا للغَيرِ"، ورجَّحَ فيه أنَّ التَّركَ سُنَّة مُتَّبَعة، وأنَّ مُخالَفتَها بِدعةٌ، وأنَّ مذهبَ الجُمهورِ على هذا.

وختم الفصلَ بمسألةٍ خلافيَّةٍ بين أهل العلمِ، وهي: هل التركُ فِعلٌ أم لا؟ ورجَّح المؤلِّفُ أنَّه فِعلٌ؛ لِقَولِه تعالى: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} فبَيَّن أنَّ تَركَ الربانيِّينَ والأحبارِ نهيَهم عن قولِ الإثمِ صُنعٌ، وهو أخَصُّ من مُطلَقِ الفِعلِ.

الفصل الثامن: وكان في (الفَرْق بين البِدعة والمَصلحة المُرسَلة وخطورةِ الخَلط بينهما)

وكانت خلاصةُ بَحثِه أنَّ الحاصِلَ في الفُروقِ بين الأمرينِ: أنَّ البِدعةَ تُعارِضُ النصوصَ القطعيَّةَ وتُناقِضُ مقاصِدَ الشَّريعة، وتقَعُ في المقاصدِ لا في الوسائِلِ، بخلاف المصلحةِ المُرسَلة.

وفي الفصل التاسع حاول المؤلِّفُ مناقشةَ بعض القضايا الهامَّة في باب أصولِ البِدَع فعَقَدَه في (مناقشةِ الرأي القائلِ بتقسيمِ البِدعة إلى حسنةٍ وسيِّئة)

وبيَّنَ أنَّ جميع ما استدَلُّوا به إمَّا صحيحٌ غيرُ صريحٍ، وإمَّا ضعيفٌ غيرُ صالحٍ للاحتجاجِ، وكانت طريقتُه في الرَّدِّ منحصرةً في مسلكينِ:

- الإجاباتُ الإجماليَّة؛ ومنها: أنَّ أدلَّةَ المَنعِ والتحذيرِ قطعيَّةُ الثبوتِ، بخلافِ أدلَّة المقَسِّمينَ، فهي ظنيَّةُ الثُّبوت.

- وإجاباتٌ تفصيليَّةٌ، فأخذ يرُدُّ ويوجِّهُ ما استدلَّ به المخالِفُ، فثبت بهذا أنَّ كُلَّ بدعةٍ ضَلالةٌ.

 وأمَّا فصله العاشر والأخير فكان حديثُه فيه عن (التَّوفيق بين الآراءِ أو التَّرجيح للأقوى حُجَّةً ودليلًا)

وأخذ يجمَعُ بين أقوالِهم بطرُقٍ شَتَّى، منها:

- أنَّ من أطلق على هذه المُحدَثات اسمَ البدعةِ، نظر إلى المعنى اللُّغويِّ.

- أنَّ إطلاقَ البِدَع على الحادثِ المَذموم، هو الإطلاقُ الغالِبُ، وأن إطلاقَها على الممدوحِ نادِرٌ.

- حَملُ لَفظِ البدعةِ في لسانِ الشَّارعِ على المعنى الشَّرعيِّ أوَّلًا، ثمَّ العُرفيِّ، ثم اللُّغويِّ.

وختم بحثَه بالتنبيهِ على لزومِ التمسُّك بالسنَّة، وتركِ الابتداعِ وعدَمِ الغُلوِّ في الدِّينِ، وأنَّ العُلَماءَ وطَلَبةَ العِلمِ لا بدَّ ألَّا يتساهَلوا في التحذيرِ مِن البدعةِ وأهلِها.
 

والكتاب شامل وجيِّد في بابه.