قراءة وتعريف

مناهج الاستدلال على مسائل العقيدة الإسلامية في العصر الحديث (مصر نموذجاً)
book
أحمد قوشتي مخلوف
عنوان الكتاب: مناهج الاستدلال على مسائل العقيدة الإسلامية في العصر الحديث (مصر نموذجاً)
تقـديم: مصطفى حلمي
النـاشر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: 1433هـ
عدد الصفحات: 870
نـوع الكتاب: أصل الكتاب رسالة علمية تقدم بها المؤلف لنيل درجة الدكتوراه من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة

التعريف بموضوع الكتاب:
عندما يحيد الإنسان عن المنهج الصافي, ويبتعد عن الطريق الواضح, وعندما يكل نفسه إلى عقله, وفهمه, دون الرجوع إلى المصدر الإلهي الذي يفيض باليقين, ودون اللجوء إلى ركن شديد من الوحي, هناك تتنازعه الأهواء, وتفرق به السبل, وينتهي به الحال تائهاً في متاهات لا نهاية لها.

إن المصدر الحقيقي الذي تُستَقى منه العقيدة الصحيحة هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, بفهم سلف الأمة, إلا أن هناك من ابتعد عن هذه المصادر ليستبدلها بالذي أدنى, ويستعيض عنها بغيرها.

 وكتاب هذا الأسبوع كتاب يسلط الضوء على مناهج الاستدلال على مسائل العقيدة الإسلامية في العصر الحديث, جاعلًا من مصر نموذجاً لهذه الدراسة. فهو يسعى إلى تكوين صورة واضحة وموثقة لحال الدراسات العقدية بمصر في العصر الحديث، من خلال التتبع الدقيق لأبرز الاتجاهات التي ظهرت في تلك الفترة.

الكتاب بدأ بفصل تمهيدي وقف فيه المؤلف عند ثلاث مصطلحات أساسية, عليها يقوم البحث وهي: مناهج الاستدلال, والعقيدة, والعصر الحديث, فتناولها بالشرح, ثم تناول مجمل أحوال الدراسات العقدية والكلامية بمصر في العصر الحديث, هادفًا من وراء ذلك إلى فهم آراء الشخصيات التي وجدت في هذه الفترة الزمنية, ومن ثم قام بتصنيف الباحثين المحدثين إلى عدة اتجاهات باعتبار المناهج التي ينتهجونها, والمواقف التي يتبنونها تجاه مسائل العقيدة, فذكر من هذه الاتجاهات الاتجاه الكلامي, والاتجاه السلفي, والاتجاه الصوفي الذوقي, والاتجاه العقلي الانتقائي, والاتجاه العلمي التجريبي.

وتألف الباب الأول- والذي يعد أكبر أبواب هذه الرسالة, والذي عنون له المؤلف بـ ( مصادر الاستدلال على مسائل العقيدة) - من خمسة فصول, كل فصل منها يتناول مصدرًا من مصادر الاستدلال التي اعتمدها الباحثون المعاصرون في إثبات مسائل العقيدة, ففي الفصل الأول تناول الدليل النقلي إذ يعتبر هذا الدليل أهم الأدلة, ولما كان القرآن والاستدلال به محلَّ إجماع بين جميع المسلمين تناوله المؤلف بإيجاز, ثم شرع في الحديث عن المصدر الثاني وهو السنة النبوية فأطال الحديث فيها لكثرة الاختلاف حولها مركزًا على رصد مواقف الباحثين المحدثين من الاعتماد على السنة كمصدر من مصادر الاستدلال على مسائل العقيدة, متناولاً ظاهرة الهجوم على السنة, والتشكيك في حجيتها, أو صحة أحاديثها في العصر الحديث, وعن أخبار الآحاد وموقف الباحثين المحدثين من الاحتجاج بها, ونماذج تطبيقية لطريقة تعامل الباحثين المحدثين معها. كذلك تناول المؤلف الإجماع والذي لم يختلف كثيراً عن السُّنة من حيث كثرة الخلاف حول مفهومه, وحجيته وما إلى ذلك.

وفي الفصل الثاني من فصول هذا الباب تناول المصدر الثاني من مصادر الاستدلال, وهو الدليل العقلي, حيث تطرق لموقف الباحثين من الاعتماد عليه, والمكانة التي يتبوأها عندهم, ومناقشاتهم لمن شكَّكَ في قيمة الاستدلال به, ومما ذكره المؤلف أيضاً بعض المسائل التي نتجت عن عنايتهم به, ومظاهر هذه العناية, كقولهم بوجوب النظر العقلي, وحكم إيمان المقلد, ومن اجتهد في البحث عن التوحيد ولم يصل إلى الحق, أو من لم تبلغه الدعوة أصلًا, ومسألة التحسين والتقبيح العقليين, ومن ثَمَّ تكلم عن حدود عمل العقل ومجالاته التي يمكنه العمل فيها.
الفصل الثالث كان الحديث فيه عن ثالث مصادر العقيدة, وهي الفطرة, حيث عرض المؤلف لمفهومها عند الباحثين المحدثين, مقارنة بالمفهوم الذي سار عليه المتقدمون, ثم أشار إلى اهتمامهم بمسألة فطرية التدين, وأصالته في النفس البشرية, بعدها قام باستعراض بعض النماذج من الاستدلال بالفطرة على مسائل العقيدة عند الباحثين المحدثين.

ومن مصادر الاستدلال التي تناولها المؤلف أيضاً الكشف والإلهام, حيث أفرد له الفصل الرابع، فبين المراد من هذه المصطلحات, موضحًا موقف الباحثين المحدثين من الاستدلال بها على مسائل العقيدة. 

وتناول في الفصل الخامس مصدرًا آخر من مصادر الاستدلال وهو حقائق العلم التجريبي, حيث أوضح مفهومها, والجذور التراثية للاعتماد عليها, والأسباب التي أدت إلى بروز ظاهرة الاعتماد عليها في العصر الحديث, كالتقدم العلمي الهائل, وظهور الاتجاهات الفكرية التي تغالي في الافتتان بالعلم, وغيرها. ثم تناول حجية هذا الدليل, ونماذج تطبيقية للاستدلال بحقائق العلم التجريبي على المسائل العقدية.

انتقل المؤلف بعد ذلك إلى الباب الثاني والذي خصصه لذكر طبيعة العلاقة بين مصادر الاستدلال, وذلك لبيان أن من الخطأ ظنَّ إمكان حدوث التعارض أو التناقض بينها, وكان الحديث عن ذلك في ثلاثة فصول:
أما الأول فاستعرض فيه العلاقة بين النقل والواقع, حيث تناول تعريف الواقع اصطلاحًا, وما هو موقف الباحثين المحدثين من العلاقة بين الإسلام والواقع سواء على المستوى النظري أو التطبيقي, وذلك بدراسة عدد من القضايا التي تتفرع عن هذا الأمر, كانتفاء التعارض بين النقل والواقع, وأخبار القرآن وقصصه ومدى مطابقتها للواقع التاريخي, وأسباب النزول وأهميتها في فهم المراد من النصوص الشرعية, وحقائق العقيدة بين الثبات والتطور.

وفي الفصل الثاني تناول العلاقة بين النقل والعقل, والتي استحوذت على جانب كبير من اهتمام الباحثين المحدثين, واستأثرت بالكثير من كتاباتهم, حتى أصبح من النادر أن تجد اتجاهاً أو شخصية لم تُعنَ به, أو تعرض له بصورة من الصور. فتكلم عن الموقف النظري للباحثين المحدثين من علاقة الإسلام بالعقل كمدخل ضروري لا بد منه, كإلحاحهم على عناية الإسلام بالعقل وعدم التعارض معه, وقانون التعارض بين النقل والعقل عندهم. كما تناول الأسس التي شكلت مواقف هؤلاء الباحثين من قضية هذه العلاقة بين النقل والعقل.

بينما كان الفصل الثالث يتحدث عن العلاقة بين النقل والعلم, وهنا تحدث المؤلف عن ظهور مشكلة التعارض بين الدين والعلم في الغرب وأسبابها, ومن ثم انتقالها إلى الفكر الإسلامي المعاصر, محددًا مفهوم العلم, عارضاً مواقف الباحثين المحدثين من علاقته بالنقل, مع ذكر نماذج تطبيقية للطريقة التي تعاملوا بها مع القضايا التي ظنَّ البعض حصول تعارض
فيها  بين النقل والعلم .


ثم ختم المؤلف كتابه بباب ثالث خصصه للحديث عن قواعد الاستدلال وطرقه, واحتوى على فصلين:
فالأول تناول فيه موقف الباحثين المحدثين من قواعد الاستدلال الكلامية القديمة, مبتدئًا بذكر موقفهم من علم الكلام إجمالًا, كمدخل لعرض موقفهم من قواعد الاستدلال الكلامية, ثم تناول عددًا من أشهر هذه القواعد القديمة, مع التركيز على الطريقة التي تعامل بها الباحثون المحدثون معها, ومدى قبولهم أو رفضهم لها, ومما ذكر من القواعد: قياس الغائب على الشاهد, وقياس الأولى،  وقاعدة الكمال, وانتفاء المدلول لانتفاء دليله, أو ما لا دليل عليه يجب نفيه, وإلزام الخصوم بلازم مذهبهم, وغيرها من القواعد.

وتناول في الفصل الثاني مظاهر التجديد في قواعد الاستدلال وطرقه عند الباحثين المحدثين, وقد ركز المؤلف في هذا الفصل على استعراض أبرز ما يمكن أن يعد مظهرًا من مظاهر التجديد في طريقة الاستدلال على المسائل العقدية, أو طرق التأليف وأساليب العرض والتناول عند الباحثين المحدثين, مع التركيز على بيان المقصود بكل مظهر منها, وذكر من تبناه من الشخصيات, وضرب أمثلة تطبيقية على ذلك. ومن تلك المظاهر التي ذكرها: التجديد في الموضوعات, والتجديد في الصياغة, والإلحاح على ضرورة الارتباط بين العقيدة والعمل, وطريقة العرض التاريخي, والاستشهاد بأقوال الغربيين.