قراءة وتعريف

الإسلام والليبرالية – مواجهة صريحة
book
علاء بكر
عنوان الكتاب: الإسلام والليبرالية – مواجهة صريحة
النـاشر: مكتبة فياض - المنصورة
سـنة الطبع: 2011م
عدد الصفحات: 400

التعريف بموضوع الكتاب :

 الليبرالية ذلك الوافد الغريب, والذي حاول  - وما زال يحاول البعض زرعه في تربتنا, وتنميته في أرضنا, مع معرفته التامة أن هذا النبت الخبيث لا ينمو في هذه الأرض الطاهرة, فهو فكر منحل لم يجني منه زارعوه غير الانحلال والتهتك, والإلحاد, والتضارب في المعتقدات والأفكار, مما جعلهم يعيشون في فوضى عارمة على كافة الصعد الأخلاقية, والاجتماعية, والاقتصادية, والسياسية.

هذا الفكر الذي يستحيل أن يجتمع معه ديننا الإسلامي أو يتعايش معه, بل لا بد من مواجهته مواجهة صريحة  تبين عواره, وتكشف زيفه, وتوضح ضلاله وما يدعو إليه من انحراف وزيغ عن طريق النور والصلاح.

((الإسلام والليبرالية مواجهة صريحة)) هو عنوان كتابنا لهذا الأسبوع, حيث سنسلط الضوء أكثر على هذا الفكر الهدام.

الكتاب تألف من جزئين كل جزء أفرد فيه المؤلف طرفاً من أطراف المواجهة:

الجزء الأول: عنون له المؤلف بـ (( هذه هي الليبرالية)), حيث تناول في بدايته تعريف الليبرالية, وأنها كلمة غير عربية تعني الحرية, وهي كمصطلح عبارة عن مذهب فكري يركز على الحرية الفردية, ويرى وجوب احترام استقلال الأفراد ...)) وكانت نشأته كردة فعل لظلم الكنيسة, والاقطاع في أوربا.

كما تكلم المؤلف عن أسس الليبرالية, فذكر أنها تقوم على قسمين من الأسس الفكرية: أسس انفردت بها عن غيرها, وتميزت بها وهي التمسك بالحرية, والفردية, وجزء تشترك فيه مع غيرها, وهو يتضمن العقلانية وروح التسامح.

لماذا ظهر الفكر الليبرالي في أوربا؟

يطرح المؤلف هذا السؤال ليوضح الأسباب التي دعت إلى ظهور الفكر الليبرالي, حيث بيَّن أن ظهور الأفكار الليبرالية كانت كردة فعل على الاستبداد الذي تسلط على الأوربيين قروناً طويلة من قبل  الأباطرة, والملوك, والأمراء, والإقطاعيين, وأصحاب النفوذ من ناحية, ومن ناحية أخرى كانت المؤسسة الدينية المتمثلة في الكنيسة الكاثوليكية وعلى رأسها البابا, وكبار رجال الكنيسة.

ثم تحدث المؤلف عما عانته أوربا من استبداد سواء كان كنسياً, أو سياسياً, أو اقتصادياً, مبيناً كيف استطاعت أوربا التحرر من نير هذه الاستبدادات.

وتحت عنوان (( نشأة الفكر الليبرالي وتغلغله)) تحدث المؤلف عن نشأة الثورة الأوربية على الأوضاع المتردية, وبداية استعمال كلمة ليبرالية, وكيف أن هذه الكلمة قد تعددت تعريفاتها بتعدد البيئة الناشئة فيها, ليتحدث بعد ذلك عن تطور الفكر الليبرالي في أوروبا, والتحولات الفكرية المتدرجة, بداية بإحياء الآداب الإغريقية, ومحاولة الإصلاح الديني, والأخذ بالفكر التجريبي المادي, وظهور الطبقة الوسطى.

ثم تحدث المؤلف عن نشأة الكنيسة البروتستانتية, والتي تعد هي أيضاً من الحركات الإصلاحية التي ثارت ضد الكنيسة الكاثوليكية, وبينت عوراتها, متحدثاً عن مؤسسيها, وكنائسها. كما تحدث عن الليبرالية الدينية كحركة مرتبطة بالبروتستانتية المعاصرة.

 بعد ذلك تحدث عن تفسير الليبرالية عند أحد أبرز مفكريها وهو ( جون ستيورات مل) وهو ممن نظر لها في كتابه ( on liberty ), والذي يعد مرجعاً لفكر الليبراليين العرب, متناولاً بعض المذاهب ذات الارتباط بفكر الليبرالية كمذهب اللذة, والمنفعة, والبرجوزاية, وعن تعدد الاتجاهات والتيارات الليبرالية, كالليبرالية السياسية, والاقتصادية, والاشتراكية وغيرها.

تعرض المؤلف بعد ذلك للكساد الاقتصادي الكبير الذي هز  العالم في  عام 1929م والذي كان من نتائجه ظهور الليبيرالية الاجتماعية كمخرج من السقوط, وتحدث عن الدولة والمجتمع في الفكر الليبرالي, واختلاف الليبراليين في كيفية تنظيم المجتمع.

اتجه حديث المؤلف بعد ذلك نحو ما يمكن أن نسميه أنواع واتجاهات الليبرالية: كالليبرالية السياسية, والاقتصادية, والاجتماعية, فعددها وتحدث عنها. وتحدث عن تفوق الليبرالية الأمريكية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي, وعن موقف الليبراليين تجاه الحرب والسلام.

انتقل المؤلف بعد ذلك إلى موضوع غاية في الأهمية, وهو ظهور الفكر اللليبرالي في بلادنا, فابتدأ بالحديث عن مجيء الحملة الفرنسية التي سببت حالة من الذهول لدى المصريين بسبب الفارق العلمي والمادي بينهم وبين الأوربيين, مروراً بما فعله محمد علي من نشاطات كالبعثات العلمية, وحركات الترجمة للكتب الأوربية, وظهور الطباعة, والصحافة التي لعبت دوراً بارزاً في التعريف بالفكر الأوربي.

وعن العوامل التي ساعدت في ظهور هذا الفكر في بلاد الإسلام, عدد المؤلف بعضاً منها, فذكر من ذلك: بعد المسلمين عن دينهم, وانتشار الانحرافات والبدع, والاستبداد السياسي, والجمود والتقليد وترك الاجتهاد, وجهود التغريب المبذولة من الدول الأوربية والاستعمارية.

وذكر المؤلف مجموعة من الرواد الأوائل للفكر الليبرالي في عالمنا العربي, كرفاعة الطهطاوي, وعلي مبارك, وجمال الدين الأفغاني, والشيخ محمد عبده وغيرهم, كذلك تناول بعضاً من الأحزاب المصرية التابعة لهذا الفكر, كحزب الأمة, وحزب الأحرار الدستوريين, وحزب الوفد وغيرها.

وبيَّن المؤلف أن الفكر الليبرالي يقوم على إطلاق الحريات, وعلى العلمانية والتغريب, مبيناً أن الليبراليين الأوائل قد بنوا جهودهم على الدعوة للحريات, والعلمانية, والتغريب.

وعن التيارات الليبرالية في بلاد العربية تحدث المؤلف وعدد بعضاً منها, فذكر من ذلك تيار التوفيق بين الليبرالية والإسلام, وتيار الليبرالية القومية, وتيار الليبراليين الجدد, كما تحدث عن الإسلام الليبرالي وما يعنيه.

وتناول المؤلف بالحديث الليبراليين العرب الجدد, والذين يرتمون في أحضان الغرب ويوالونه ولاء مطلقاً, فهم يتشكلون وفق خططه وترتيباته, ويملكون ضغطاً إعلامياً كبيراً يستغلونه لتحقيق مصالحهم, ويتمتعون بمساندة القوى الغربية, وهو قريبون من صانعي القرار في النظم العربية, وذكر أمثلة لهؤلاء, وأوضح أنهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

1.   ليبراليين حكوميين.

2.   ليبراليين غير منفصلين عن الحكومة.

3.   ليبراليين مستقلين.

الجزء الثاني: وحمل هذا الجزء عنوان ((هذا هو الإسلام)), عرف فيه المؤلف الإسلام بتعاريف عدة, تبين معناه وتوضح ما يدعو إليه.

ليتحدث بعد ذلك عن أنه الدين الحق, وأن التشريع حق لله تبارك وتعالى, كما بين وجوب عبادة الله تبارك وتعالى وطاعة أمره, وهذا ما يقوم عليه الدين الإسلامي, وتخالفه الليبرالية البغيضة, والاستخلاف والتمكين مرهون به.

كما نقض المؤلف مقولة ((الدين لله, والوطن للجميع)) مبيناً أن الدين والوطن جميعاً لله تبارك وتعالى, وأنه لا سيادة إلا للإسلام, ولا سيادة لسواه.

كما أوضح المؤلف أن التشكيك في ثوابت الإسلام حتى تتوافق مع الرؤية الغربية المدنية هي وظيفة الليبراليين.

ومما تناوله المؤلف أيضاً قضية المجتمع المسلم بين ثباته ومواكبته للتطور, موضحاَ الحرية من منطلق ومنظور إسلامي والتي  تعني الحرية الرشيدة والمسؤولة والتي تبغي الخير للأمة, والمصلحة للمجتمع, وتنأى بمن يمارسها عن الفوضوية, وإثارة الفتنة, وتحدث المؤلف أيضاً عن مكانة القيم الدينية في حياة المسلم, موضحاً خصائصها التي تبنى عليها.

ومما بينه المؤلف أيضاً أن الإسلام دعوة للتحرر لكن لا كتحرر الليبرالية, بل هو تحرير للنفس من العبودية لغير الله, وتحريرها من عوامل الضعف والخوف والفقر.

وبين أن التعددية والتسامح بالمنظور الليبرالي مرفوض, لأن قبولهما يعني تقبل المنظومة الفكرية المتكاملة المبينة على أسس معرفية, وفلسفة غربية للحياة.

وعن حكم الإسلام في الليبرالية بين المؤلف أن الأخيرة جمعت صوراً متعددة من الكفر, فهي تستحل الحكم بغير ما أنزل الله, ولا تعترف بحكم  الله ولا تقر بشريعته, وقد أجمع العلماء على أن المستحل لما حرمه الله تعالى مما هو معلوم من الدين بالضرورة ومتواتر فهو كافر خارج عن دين الإسلام, وقد نقل المؤلف عددا من الفتاوى في حكم الفكر الليبرالي, ليبين بعد ذلك أنه لا مكان للفكر الليبرالي في الإسلام،

والكتاب جيد ومفيد.