الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ السَّابع عَشَرَ: الآثارُ الإيمانيَّةُ لاسْمِ اللهِ: البَرِّ

اللهُ سُبحانَه بَرٌّ يحِبُّ البِرَّ ويأمُرُ به ويحِبُّ من يتخَلَّقُ به من عبادِه الأبرارِ.
قال اللهُ تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة: 177] .
قال القُرطبي: (البِرُّ هاهنا اسمٌ جامِعٌ للخيرِ) [3539] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (2/ 238). .
وجعل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كُلَّ الأخلاقِ الفاضِلةِ مِنَ البِرِّ، فقال: ((البِرُّ حُسنُ الخُلُقِ )) [3540] أخرجه مسلم (2553) مُطَوَّلًا من حَديثِ النوَّاسِ بن سَمعانَ رَضِيَ اللهُ عنه. .
قال النوويُّ: (قال العُلَماءُ: البِرُّ يكونُ بمعنى الصِّلةِ وبمعنى اللُّطفِ والمَبرَّةِ وحُسنِ الصُّحبةِ والعِشرةِ، وبمعنى الطَّاعةِ، وهذه الأمورُ هي مجامِعُ حُسنِ الخُلُقِ) [3541] يُنظر: ((شرح مسلم)) (16/ 111). .
وقال ابنُ القَيِّمِ في لطائِفِ أسرارِ تَوبةِ العَبدِ: (منها: أن يَعرِفَ بِرَّه سُبحانَه في سَتْرِه عليه حالَ ارتكابِ المعصيةِ، مع كَمالِ رُؤيتِه له، ولو شاء لفضَحَه بين خَلْقِه فحَذِروه، وهذا من كمالِ بِرِّه، ومن أسمائه «البَرُّ» وهذا البِرُّ مِن سَيِّده كان عن كمالِ غِناه عنه، وكمالِ فَقرِ العَبدِ إليه، فيَشتَغِلُ بمطالعةِ هذه المنَّةِ، ومُشاهدةِ هذا البِرِّ والإحسانِ والكَرَمِ، فيَذهَلُ عن ذِكرِ الخطيئةِ، فيبقى مع الله سُبحانَه، وذلك أنفَعُ له من الاشتغالِ بجنايتِه، وشُهودِ ذُلِّ مَعصيتِه؛ فإنَّ الاشتغالَ باللهِ والغَفلةَ عَمَّا سواه: هو المَطْلَبُ الأعلى والمقصَدُ الأسنى) [3542] يُنظر: ((مدارج السالكين)) (1/ 223). .

انظر أيضا: