الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ العاشِرُ: الآثارُ الإيمانيَّةُ لاسْمِ اللهِ: الحميدِ

إذا عَلِمَ العبدُ أنَّ الحَمدَ على الإطلاقِ إنَّما هو لله عَزَّ وجَلَّ، وأنَّه يستحِقُّ جميعَ المحامِدِ بأَسْرِها، كان حَرِيًّا به أن يشتَغِلَ بالثَّناءِ والمجدِ لذي العُلى والمجدِ؛ فإنَّه سُبحانَه وتعالى له الكَمالُ المُطلَقُ الذي لا نَقْصَ فيه بوجهٍ ما، والإحسانُ كُلُّه له ومنه، فهو سُبحانَه وتعالى أهلٌ وأحَقُّ بكُلِّ حَمدٍ، وبكُلِّ حُبٍّ مِن كُلِّ جِهةٍ، فهو أهلٌ أن يُحَبَّ لذاتِه، ولصِفاتِه، ولأفعالِه، ولأسمائِه، ولإحسانِه، ولكُلِّ ما صدر منه سُبحانَه وتعالى [3512] يُنظر: ((جلاء الأفهام)) لابن القيم (ص: 316). .
ولو استنفد العبدُ أنفاسَه كُلَّها في حمدِه على نعمةٍ مِن نِعَمِه، كان ما يجِبُ له من الحَمدِ ويستَحِقُّه فوق ذلك وأضعافَه، ولا يُحصي أحدٌ البتَّةَ ثناءً عليه بمحامِدِه.
ومحاسِنُ المحمودِ سُبحانَه تعالى إمَّا قائمةٌ بذاتِه، وإما ظاهِرةٌ في مخلوقاتِه.
فالنَّوعُ الأوَّلُ: حمدُ الأسماءِ والصِّفاتِ، وهو حمدٌ يتضَمَّنُ الثَّناءَ عليه بكمالِه القائِمِ بذاتِه، وعلى ما له من الأسماءِ الحُسنى، والصِّفاتِ الكامِلةِ العُليا، والمدائحِ والمحامِدِ، والنُّعوتِ الجليلةِ الجميلةِ.
والنَّوعُ الثَّاني: حَمدُ النِّعَمِ والآلاءِ، وهذا مشهودٌ للخليقةِ؛ بَرِّها وفاجِرِها، مؤمِنِها وكافِرِها، من جزيلِ مواهِبِه وسَعةِ عَطاياه، وكريمِ أياديه، وجميلِ صَنائِعِه، وحُسنِ مُعاملتِه لعبادِه، وسَعةِ رحمتِه لهم، وبِرِّه ولُطفِه وحَنانِه [3513] يُنظر: ((طريق الهجرتين)) لابن القيم (ص: 132). .
قال ابنُ القَيِّمِ: (إنَّ أفضَلَ النِّعَمِ وأجَلَّها على الإطلاقِ: نِعمةُ مَعرفتِه تعالى وحَمْدِه وطاعتِه) [3516] يُنظر: ((فتيا في صيغة الحمد)) (ص: 12). .
قال القُرطبي: (يجِبُ على كُلِّ مُكَلَّفٍ أن يعتَقِدَ أنَّ الحَمدَ على الإطلاقِ إنما هو للهِ، وأنَّ الألِفَ واللامَ للاستغراقِ لا للعَهدِ، فهو الذي يَستحِقُّ جميعَ المحامِدِ بأَسْرِها، فنَحمَدُه على كُلِّ نعمةٍ وعلى كُلِّ حالٍ بمحامِدِه كُلِّها ما عُلِمَ منها وما لم يُعلَمْ... ثم يجِبُ عليه أن يسعى في خِصالِ الحَمْدِ، وهي التخَلُّقُ بالأخلاقِ الحميدةِ والأفعالِ الجميلةِ) [3517] يُنظر: ((الأسنى في شرح الأسماء الحسنى)) (1/189). .

انظر أيضا: