الموسوعة العقدية

المَبحَثُ العاشِرُ: مِن قواعِدِ الاستِدلالِ على مَسائِلِ الاعتِقادِ عندَ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ: ردُّ التَّنازُعِ إلى الكِتابِ والسُّنَّةِ

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59] .
أي: يا أيُّها المؤمنون أطيعوا اللهَ تعالى، وأطيعوا رَسولَه محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذلك بامتثالِ أمْرِهما، واجتنابِ نَهْيِهما، وأطيعوا أيضًا الوُلاةَ عليكم الذين يَلُون لكم أمورَ دِينكم ودُنياكم، وهم الأمَراءُ والعُلَماءُ؛ فأطيعوهم فيما لم يكُنْ فيه مخالفةٌ لطاعةِ اللهِ تعالى وطاعةِ رَسولِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فإن اختلَفْتُم -أيُّها المؤمنون- في شيءٍ مِن أمرِ دِينِكم؛ مِن أصولِه وفروعِه، فاطلُبوا معرفةَ حُكمِه من كتابِ الله تعالى وسنَّةِ رَسولِه صلَّى الله عليه إنْ كُنتُم مؤمنينَ باللهِ تعالى حقًّا، ومؤمنينَ بالآخرةِ أيضًا؛ فردُّكم لِما اختلفْتُم فيه إلى الكِتابِ والسُّنَّةِ خَيرٌ لكم وأفضَلُ في دِينكم ودُنياكم وآخرتِكم، وأحسنُ عاقبةً [142] يُنظر: ((التفسير المحرر - سورة النساء)) (ص: 299). .
قال ابنُ أبي العزِّ الحَنَفيُّ: (مَسائِلُ النِّزاعِ التي تتنازعُ فيها الأمَّةُ، في الأُصولِ والفُروعِ إذا لم تُرَدَّ إلى اللهِ والرَّسولِ، لم يتبيَّن فيها الحقُّ، بل يصيرُ فيها المتنازِعونَ على غيرِ بيِّنةٍ مِن أَمْرِهم، فإنْ رَحِمَهم الله أقرَّ بعضُهم بعضًا، ولم يَبْغِ بَعضُهم على بعضٍ، كما كان الصَّحابةُ في خلافةِ عُمَرَ وعُثمانَ يتنازعون في بعضِ مَسائِلِ الاجتهادِ، فيُقِرُّ بعضُهم بعضًا، ولا يعتدي ولا يُعتدَى عليه، وإن لم يُرحَموا وقع بينهم الاختِلافُ المذمومُ، فبغى بعضُهم على بعضٍ؛ إمَّا بالقَولِ، مثلُ: تكفيرِه وتفسيقِه، وإمَّا بالفِعلِ، مِثلُ: حَبسِه وضَرْبِه وقَتْلِه، والذين امتَحَنوا النَّاسَ بخَلْقِ القُرآنِ كانوا من هؤلاء؛ ابتَدَعوا بِدعةً، وكفَّروا من خالفَهم فيها، واستحَلُّوا مَنْعَ حقِّه وعقوبتَه!) [143] يُنظر: ((شرح الطحاوية)) (2/777). .

انظر أيضا: