الموسوعة العقدية

 الصُّورَةُ

صِفةٌ ذاتيَّةٌ ثابتةٌ للهِ عزَّ وجلَّ بالأحاديثِ الصَّحيحةِ.
الدَّليلُ:
1- حديثُ أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه الطويلُ في رؤيةِ المؤمنينَ لربِّهم يومَ القيامةِ، وفيه: ((فيأتيهم الجبَّارُ في صُورتِه التي رأوه فيها أوَّلَ مَرَّةٍ، فيَقولُ: أنا ربُّكم، فيَقولُون: أنت ربُّنا ...)) [2388] أخرجه البخاري (7439)، ومسلم (183). .
2- حَديثُ مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((احتَبَس عنَّا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.. ثمَّ قال: أمَا إنِّي سأُحَدِّثُكم ما حَبَسَني عنكم الغَداةَ، إنِّي قُمتُ مِنَ اللَّيلِ فتوضَّأْتُ وصلَّيتُ ما قُدِّرَ لي، فنَعَسْتُ في صلاتي حتى استَثْقَلْتُ، فإذا أنا برَبِّي تبارك وتعالى في أحسَنِ صُورةٍ )) [2389] أخرجه الترمذي (3235) واللفظ له، وأحمد (22109) صححه البخاري كما في ((سنن الترمذي)) (3235)، والترمذي، وابن العربي في ((أحكام القرآن)) (4/73). .
قال ابنُ قُتيبةَ: (والذي عندي -واللهُ تعالى أعلمُ- أنَّ الصُّورةَ ليستْ بأعجبَ من اليدينِ والأصابعِ والعَينِ، وإنَّما وقَع الإلفُ لتلك؛ لمَجيئِها في القُرْآنِ، ووقعتِ الوحشةُ من هذه؛ لأنَّها لم تأتِ في القُرآنِ، ونحن نؤمِنُ بالجميعِ، ولا نقولُ في شيءٍ منه بكيفيَّةٍ ولا حَدٍّ) [2390] يُنظر: ((تأويل مختلف الحديث)) (ص: 261). .
وقال أبو يَعلَى الفرَّاءُ في التعليقِ على حديثِ: ((رأيتُ ربِّي في أحسَنِ صورةٍ)): (اعلمْ أنَّ الكلامَ في هذا الخَبَرِ يتعلَّقُ به فُصولٌ؛ أحَدُها: جوازُ إطلاقِ الصُّورةِ عليه) [2391] يُنظر: ((إبطال التأويلات)) (1/126). .
وبَوَّب أبو إسماعيلَ الأنصاريُّ في كِتابِه (الأربعون في دلائِلِ التوحيدِ) [2392] يُنظر: (ص: 63). بابَ: (إثباتُ الصُّورةِ له عزَّ وجَلَّ).
 وقال ابنُ تيميَّةَ: (الوَجهُ الخامِسُ: أنَّ الأحاديثَ مع آياتِ القُرآنِ أخبَرَتْ بأنَّه يأتي عبادَه يومَ القيامةِ على الوَجهِ الذي وصَف، وعند هؤلاء هو كُلُّ آتٍ في الدُّنيا والآخِرةِ، وأمَّا أهلُ الإلحادِ والحُلولِ الخاصِّ -كالذين يَقولُون بالاتِّحادِ أو الحُلولِ في المَسيحِ أو عَلِيٍّ أو بعضِ المشايخِ أو بَعضِ المُلوكِ، أو غيرِ ذلك ممَّا قد بَسَطْنا القَولَ عليهم في غيرِ هذا المَوضِعِ- فقدْ يتأوَّلون أيضًا هذا الحديثَ كما تأوَّلَه أهلُ الاتِّحادِ والحُلُولِ المطْلَقِ؛ لكَونِه قال: فيأتيهم اللهُ في صُورةٍ، لكن يُقالُ لهم: لفظُ الصُّورة في الحديثِ -يعني رحمه الله: حديثَ أبي سعيدٍ- كسائرِ ما ورد من الأسماءِ والصِّفاتِ التي قد يُسمَّى المخلوقُ بها على وَجهِ التَّقْييدِ، وإذا أُطْلِقَت على اللهِ فهي مختصَّةٌ به؛ مِثل: العَلِيمِ، والقَديرِ، والرَّحيمِ، والسَّميعِ، والبَصيرِ، ومِثلُ: خَلْقِه بيَدَيه، واستوائِه على العَرْشِ، ونحوِ ذلك) [2393] يُنظر: ((بيان تلبيس الجهمية)) (7/130). .
وبهذا يتَّضِحُ أنَّ الصُّورةَ صِفةٌ من صِفاتِ اللهِ عزَّ وجلَّ الذاتيَّةِ كسائرِ الصِّفاتِ الثَّابتةِ بالأحاديثِ الصَّحيحةِ.

انظر أيضا: