الموسوعة العقدية

 الصُّنْعُ

يُوصَفُ الله عزَّ وجلَّ بأنَّه صانعُ كُلِّ شيءٍ، وهذا ثابتٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ، وليس (الصَّانِعُ) من أسْمائِهِ تعالى.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:
قَولُه تعالى: صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [النمل: 88] .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ:
حديثُ حُذيفةَ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا: ((إِنَّ اللهَ يَصنَعُ كُلِّ صانعٍ وصَنْعَتَه )) [2379] أخرجه البخاري في ((خلق أفعال العباد)) (117)، واللالكائي في ((شرح أصول الاعتقاد)) (943)، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (570) صحَّحه ابن عساكر في ((معجم الشيوخ)) (1/114)، وابنُ حجر في ((فتح الباري)) (13/507)، والألبانيُّ على شرط مسلم في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1637)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((العواصم والقواصم)) (7/47). .
قال الحليمي: (الصَّانِعُ: ومعناه المركِّبُ والمهَيِّئُ؛ قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [النمل: 88] ، وقد يكونُ الصَّانِعُ الفاعِلَ، ويدخُلُ فيه الاختراعُ والتركيبُ معًا) [2380] يُنظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 194). .
وقال أبو القاسِمِ الأصبهانيُّ: (قيل: الصُّنعُ: الاختراعُ والتَّركيبُ) [2381] يُنظر: ((الحجة في بيان المحجة)) (1/159). .
وقال أبو موسى المَدينيُّ: (قَولُه: صُنْعَ اللَّهِ أي: قَولَه وفِعلَه... والصُّنْعُ والصَّنعُ والصَّنْعَةُ واحدٌ) [2382] يُنظر: ((المجموع المغيث)) (2/295). .
وقال ابنُ الجوزيِّ: (قَولُه تعالى: صُنْعَ اللَّهِ: قال الزَّجَّاجُ: هو منصوبٌ على المصدرِ؛ لأنَّ قَولَه: وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً [النمل: 88] دليلٌ على الصَّنعةِ، فكأنَّه قال: صَنَعَ اللهُ ذلك صُنعًا، ويجوزُ الرفعُ على معنى: ذلك صُنعُ اللهِ) [2383] يُنظر: ((تفسير ابن الجوزي)) (3/372). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (الصِّفةُ إذا كانت مُنقَسِمةً إلى كمالٍ ونَقصٍ، لم تَدخُلْ بمُطلَقِها في أسمائِه، بل يُطلَقُ عليه منها كَمالُها، وهذا كالمُريدِ، والفاعِلِ، والصَّانِعِ؛ فإنَّ هذه الألفاظَ لا تَدخُلُ في أسمائِه؛ ولهذا غَلِطَ مَن سَمَّاه بالصَّانِعِ عندَ الإطلاقِ، بل هو الفَعَّالُ لِما يريدُ؛ فإنَّ الإرادةَ والفِعلَ والصُّنعَ مُنقَسِمةٌ؛ ولهذا إنَّما أَطلَقَ على نَفْسِه مِن ذلك أكمَلَه فِعلًا وخَبَرًا) [2384] يُنظر: ((بدائع الفوائد)) (1/ 284). .
وقال ابنُ كثيرٍ في تفسيرِ قَولِه تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 21] : (قال آخَرونَ: مَن تأمَّلَ هذه السَّمواتِ في ارتِفاعِها واتِّساعِها وما فيها من الكواكِبِ... وما ذرَأَ في الأرضِ مِن الحيواناتِ المتنوِّعةِ، والنَّباتِ المُختلفِ الطُّعومِ والأراييجِ والأشكالِ والألوانِ، مع اتِّحادِ طَبيعةِ التُّربةِ والماءِ؛ استدلَّ على وُجودِ الصَّانعِ وقُدرتِه العظيمةِ، وحِكمتِه ورحمتِه بخَلْقِه ولُطفِه بهم، وإحسانِه إليهم، وبِرِّه بهم، لا إلهَ غيرُه ولا ربَّ سواه، عليه توكلتُ وإليه أُنيبُ، والآياتُ في الْقُرْآنِ الدَّالَّةُ على هذا المقامِ كثيرةٌ جدًّا) [2385] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (1/198). .
وسُئِل ابنُ جِبرين عن جوازِ إطلاقِ كلمةِ الصَّانِعِ على اللهِ عزَّ وجلَّ، فقال: (هذه تجوزُ على وجهِ الصِّفةِ، فنعتقِدُ أنَّ اللهَ الصَّانِعُ، بمعنى أنَّه المُبدِعُ للكونِ، وهو الذي صنَعَ الكونَ بذاتِه وأبدَعَه؛ فلذلك يُكْثَرُ من إطلاقِها في الكُتُبِ، كما ذكَر ذلك ابنُ كثيرٍ في تفسيرِ الآيةِ الكريمةِ: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة: 21] ، وأطلَق ذلك شيخُ الإسلامِ في عِدَّةِ مواضِعَ في الجُزءِ الثَّاني من «مجموعِ الفتاوى» [2386] يُنظر مثلًا: (2/ 6، 7، 9، 11). ، ونحو ذلك؛ فإطلاقُ الصَّانعِ معناه: أنَّه وصْفٌ للهِ بأنَّه مُبدِعٌ للكونِ) [2387] يُنظر: ((الكنز الثمين)) (ص: 173). .

انظر أيضا: