الموسوعة العقدية

 السُّرْعَةُ

صِفةٌ فعليَّةٌ ثابتةٌ للهِ تعالى بالكِتابِ والسُّنَّةِ الصَّحِيحةِ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:
 1- قولُه تعالى: وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ [البقرة: 202، النور: 39].
2- قَولُه: إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ [الأنعام: 165] .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ:
1- حَديثُ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنْها، قالَتْ: ((كُنْتُ أَغارُ على اللَّاتِي وَهَبْنَ أنفُسَهُنَّ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأقولُ: أتَهَبُ المَرْأَةُ نَفْسَها؟! فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ [الأحزاب: 51] ؛ قُلْتُ: ما أَرَى ربَّكَ إلَّا يُسارِعُ في هَواكَ)) [2272] أخرجه البخاري (4788)، ومسلم (1464). .
2- حَديثُ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا: ((إِنَّ اللهَ قال: إذا تَلَقَّانِي عَبْدِي بِشِبْرٍ تَلَقَّيتُه بِذِراعٍ، وإذا تَلَقَّاني بِذِراعٍ تَلَقَّيتُه بِباعٍ، وإذا تَلَقَّاني بِباعٍ جِئْتُه -أَتَيْتُه- بِأَسْرَعَ)) [2273] أخرجه مسلم (2675) .
قال ابنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قولِه تعالى: وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ [البقرة: 202] : (إنَّما وَصَفَ جَلَّ ثناؤُه نَفْسَه بِسُرْعَةِ الْحِسابِ؛ لأنَّه -جَلَّ ذِكْرُه- يُحْصِي ما يُحصِي من أعْمالِ عِبادِهِ بِغَيْرِ عَقْدِ أصابعَ، ولا فِكْرٍ، ولا رَوِيَّةٍ، فِعْلَ العَجَزةِ الضَّعَفَةِ مِنَ الْخَلقِ، ولكنَّه لا يَخْفَى عليه شَيْءٌ في الأَرْضِ ولا في السَّمَاءِ، ولا يَعْزُبُ عنه مِثْقالُ ذرَّةٍ فيهما، ثمَّ هو مُجَازٍ عِبَادَه على كُلِّ ذلك؛ فلذلك جَلَّ ذِكْرُه امْتُدِحَ بِسُرعَةِ الْحِسابِ) [2274] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (3/549). .
وقال أيضًا: (القَولُ في تأويلِ قَوْلِهِ تَعالَى: الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [غافر: 17] … إِنَّ اللهَ ذُو سُرعةٍ في محاسَبةِ عِبادِه يومَئِذٍ على أعمالِهِمُ التي عَمِلُوها في الدُّنْيَا) [2275] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/299). .
وقال الشَّوْكَانِيُّ في تفسيرِ الآيةِ السَّابِقَةِ: (المعنَى أنَّ حِسابَهُ لِعِبادِه في يومِ القيامةِ سريعٌ مَجيئُه؛ فبادِرُوا ذلك بأعْمَالِ الْخَيْرِ، أو أنَّهُ وصَفَ نفسَه بسُرعةِ حِسابِ الْخَلائِقِ على كثرةِ عَدَدِهِم، وأنَّه لا يَشْغَلُه شأنٌ عن شأنٍ، فيحاسبُهُم في حالةٍ واحِدَةٍ) [2276] يُنظر: ((تفسير الشوكاني)) (1/235). .
وقال أيضًا في تَفْسيرِ قَولِهِ تعالَى: وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [الرعد: 41] : (وهو سريعُ الحسابِ، فيُجازي المُحْسِنَ بإِحْسانِهِ، والمُسِيءَ بإساءَتِه على السُّرعةِ) [2277] يُنظر: ((تفسير الشوكاني)) (3/108). .
وقد عدَّ ابنُ مَنْدَه (السَّريعَ) مِن أسماءِ اللهِ، مُستشهِدًا بحديثِ أبي هُرَيرةَ السَّابقِ، وفي ذلك نظرٌ كبيرٌ. ولكِنْ عَدُّه له اسمًا يتضمَّنُ أنَّه صِفةٌ عنده.
وقال الزَّجَّاجيُّ: (السَّريعُ: فَعيلٌ؛ مِن قَولِهم: «سَرُعَ فلانٌ، فهو سَريعٌ» أي: صار سريعًا، كقَولِهم: «ظَرُف فلانٌ، فهو ظريفٌ»، و «كَرُم فهو كريمٌ». ومعنى السَّريعِ في صِفاتِه تعالى عَزَّ وجَلَّ أنَّه سريعُ الحِسابِ لعِبادِه، وأنَّ أفعالَه تَسرُعُ فلا يَبطُؤُ منها شَيءٌ عمَّا أراد؛ لأنَّه بغيرِ مباشَرةٍ ولا علاجٍ ولا كُلْفةٍ، وإنَّما أمرُه لشَيءٍ إذا أراده أن يَقولُ له: «كُنْ فيكونُ»، فهذا معنى السَّريعِ على توجيهِ اللُّغةِ. واللهُ أعلَمُ وأحكَمُ) [2278] يُنظر: ((اشتقاق أسماء الله)) (ص: 127). .
 فاللهُ عزَّ وجلَّ سريعٌ في حِسابِه، سريعٌ عِقابُه، سريعٌ في إتيانِه ومَجِيئِه، ولَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] سُبحانَه.

انظر أيضا: