الموسوعة العقدية

 الحِلْمُ

صفةٌ ذاتيَّةٌ فعليَّةٌ ثابتةٌ له بالكِتابِ والسُّنَّةِ، و(الحَليمُ) اسمٌ مِن أسمائِه تعالى.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:
1- قولُه تعالى: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ [البقرة: 263] .
2- قَولُه: إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا [فاطر: 41] .
قال ابنُ جَريرٍ: (حليمٌ في تركِه مُعاجَلةَ أهلِ مَعصيتِه العقوبةَ على مَعاصيهم) [1979] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (4/ 42). .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ:
حديثُ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما مرفوعًا: ((... لا إلهَ إلَّا اللهُ العظيمُ الحَليمُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ ربُّ العرشِ العظيمِ ... )) [1980] أخرجه البخاري (6345)، ومسلم (2730). .
قال الزَّجَّاجيُّ: (اللهُ عَزَّ وجَلَّ حليمٌ عن عبادِه؛ لأنَّه يعفو عن كثيرٍ مِن سيِّئاتِهم، ويُمهِلُهم بعد المعصيةِ، ولا يُعاجِلُهم بالعقوبةِ والانتقامِ، ويَقبَلُ توبتَهم بعد ذلك) [1981] يُنظر: ((اشتقاق أسماء الله)) (ص: 96). .
وقال الخطَّابيُّ: (الحليمُ: هو ذو الصَّفحِ والأناةِ، الذي لا يَستفِزُّه غَضَبٌ، ولا يستخِفُّه جَهلُ جاهِلٍ، ولا عصيانُ عاصٍ، ولا يستحِقُّ الصَّافِحُ مع العجزِ اسمَ الحِلمِ، إنَّما الحليمُ هو الصَّفوحُ مع القُدرةِ. والمتأنِّي الذي لا يَعجَلُ بالعقوبةِ) [1982] يُنظر: ((شأن الدعاء)) (1/ 63). .
وقال الحليمي: (الحَليمُ: معناه الذي لا يحبِسُ أنعامَه وأفضالَه عن عبادِه لأجْلِ ذُنوبِهم، ولِكْن يَرزُقُ العاصيَ كما يَررزقُ المطيعَ، وهو مُنهَمِكٌ في معاصيه، كما يُبقي البَرَّ التَّقيَّ، وقد يَقِيه الآفاتِ والبلايا وهو غافِلٌ لا يَذكُرُه، فضلًا عن أن يدعوَه، كما يَقيها النَّاسِكَ الذي يسألُه، ورُبَّما شغَلَتْه العبادةُ عن المسألةِ) [1983] يُنظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 200). .
وقال السَّمعانيُّ: (حَلِيمٌ وهو الذي لا يَعجَلُ بالعقوبةِ) [1984] يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (1/ 228). .
قال ابنُ القيِّمِ:
(وَهُوَ الحَلِيمُ فَلَا يُعِاجِلُ عَبْدَهُ               بِعُقُوبَةٍ لِيَتُوبَ مِنْ عِصْيَانِ) [1985] يُنظر: ((الكافية الشافية)) (ص: 717). .
وقال محمد خليل هرَّاس: (مِن أسمائِه سُبحانَه: الحَليمُ والعَفُوُّ؛ فالحَليمُ الَّذي له الحِلمُ الكاملُ الَّذي وسِعَ أهلَ الكُفرِ والفُسوقِ والعِصيانِ؛ حيث أمهَلَهم ولم يُعاجِلْهم بالعُقوبةِ؛ رجاءَ أن يتُوبوا، ولو شاء لأخَذَهم بذُنوبِهم فورَ صُدورِها منهم؛ فإنَّ الذُّنوبَ تقتضي ترتُّبَ آثارِها عليها مِن العُقوباتِ العاجلةِ المُتنوِّعةِ، ولكنَّ حِلمَه سُبحانَه هو الَّذي اقتضى إمهالَهم، كما قال تعالى: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا) [1986] يُنظر: ((شرح القصيدة النونية)) (2/ 87). .
وقال السَّعْديُّ: (حَلِيمٌ بمن عصاه؛ حيثُ لم يعاجِلْه بالعُقوبةِ، بل حَلُم عنه وسَتَر وصَفَح، مع قُدرتِه عليه، وكونِه بيْن يَدَيه) [1987] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 101). .

انظر أيضا: