الموسوعة العقدية

 البَرَكَةُ والتَّبَارُكُ

صفةٌ ذاتيَّةٌ وفِعليَّةٌ للهِ عزَّ وجلَّ، ثابتةٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:
1- قولُه تعالى: رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ [هود: 73] .
2- قَولُه: تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف: 54] .
ووردَتْ لفظةُ (تبارَكَ) في مواضِعَ أخرى مِن القُرآنِ الكريمِ: [الزخرف: 85] ، [الرحمن: 78]، [الملك: 1] ، وفي ثلاثةِ مواضِعَ مِن سورةِ الفُرقانِ.
الدَّليلُ من السُّنَّةِ:
حديثُ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا: ((بَيْنَا أيُّوبُ عليه السَّلامُ يغتسِلُ عُريانًا... فناداه ربُّه عزَّ وجلَّ: يا أيُّوبُ، ألم أكُنْ أَغنَيْتُك عمَّا تَرَى؟ قال: بلى وعزَّتِكَ، ولكن لا غِنَى بي عن بركتِكَ )) [1688] أخرجه البخاري (279). .
ويكفي استِدلالًا لذلك تحيَّةُ الإسلامِ: (السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه).
المعنى:
قال ابنُ الأنباريِّ: (قَولُهم: تبارك اسمُك فيه قولانِ: قال قومٌ: معنى تبارك: تقَدَّسَ، أي: تطَهَّرَ. وقال قومٌ: معنى: تبارك اسمُك: تفاعَلَ مِنَ البرَكةِ، أي: البرَكةُ تُكسَبُ وتُنالُ بذِكرِ اسمِك) [1689] يُنظر: ((الزاهر في معاني كلمات الناس)) (1/ 53) باختصار. .
وقال البَغَويُّ: (تبارَكَ اللهُ، أي: تعالى اللهُ وتعَظَّمَ. وقيل: ارتَفَع. والمبارَكُ: المرتَفِعُ. وقيل: تبارَكَ: تفاعَلَ مِنَ البرَكةِ، وهي النَّماءُ والزِّيادةُ، أي: البَرَكةُ تُكتَسَبُ وتُنالُ بذِكْرِه. وعن ابنِ عبَّاسٍ قال: جاء بكُلِّ بركةٍ. وقال الحَسَنُ: تجيءُ البرَكةُ مِن عِندِه. وقيل: تبارَكَ: تقَدَّس، والقُدسُ: الطَّهارةُ. وقيل: تبارك اللهُ، أي: باسمِه يُتبَرَّكُ في كُلِّ شيءٍ. وقال المحقِّقون: معنى هذه الصِّفةِ: ثَبَت ودامَ، كما لم يَزَل ولا يَزالُ. وأصلُ البَرَكةِ: الثُّبوتُ. ويقالُ: تبارَكَ اللهُ، ولا يقالُ: مُتبارَكٌ ولا مُبارَكٌ؛ لأنَّه لم يَرِدْ به التَّوقيفُ) [1690] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (2/ 198). .
قال ابنُ القيِّمِ: (... وأمَّا صفتُه تبارَك، فمُختصَّةٌ به تعالى، كما أطلَقَها على نَفْسِه...) [1691] يُنظر: ((بدائع الفوائد)) (2/ 680). .
وقال أيضًا: (... فتبارُكُه سُبحانَه وَصْفُ ذاتٍ له، وصفةُ فِعلٍ...) [1692] يُنظر: ((جلاء الأفهام)) (ص: 306). .
وقال عبدُ العزيزِ السَّلمانُ: (... والنَّوعُ الثَّاني، بركةٌ: هي صفتُه تُضافُ إليه إضافةَ الرَّحمةِ والعِزَّةِ، والفِعلُ منها: تبارَكَ؛ ولهذا لا يُقالُ لغيرِه كذلك، ولا يصلُحُ إلَّا له عزَّ وجلَّ؛ فهو سُبحانَه المُبارِكُ، وعبدُه ورسولُه المُبارَكُ، كما قال المَسيحُ: وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا [مريم: 31] ، فمَن بارَكَ اللهُ فيه، فهو المُبارَكُ، وأمَّا صفتُه فمُختصَّةٌ به، كما أطلَقَ على نَفْسِه بقولِه تعالى: تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف: 54] ) [1693] يُنظر: ((الكواشف الجلية)) (ص: 196). .

انظر أيضا: