الموسوعة العقدية

المَطلَبُ السَّادِسَ عَشَرَ: مِن قواعِدِ صِفاتِ اللهِ: معاني صِفاتِ اللهِ عزَّ وجلَّ الثَّابتةِ بالكِتاب أو السُّنَّة: مَعْلُومةٌ، وتُفسَّرُ على الحقيقةِ، لا مجازَ ولا استعارةَ فيها البتَّةَ، أمَّا الكَيفيَّةُ فمَجهولةٌ

إن الصفات الواردة في القرآن والسُّنَّة، يجب حَملها على الحقيقة لا على المجاز، ودون تكييف شيءٍ منها [1377] يُنظر: ((التمهيد)) لابن عبد البر (7/145)، ((العقيدة التَّدمُريَّة)) (ص: 43)، ((مجموع الفتاوى)) (5/36-42) كلاهما لابن تيمية، ((مختصر الصواعق المرسلة)) لابن الموصلي (ص: 133، 377). ‏‏
قال الكلاباذيُّ: (أجمعوا على أنَّ للهِ صِفاتٍ على الحَقيقةِ هو بها موصوفٌ؛ مِن العِلْمِ، والقُدرةِ، والقُوَّةِ، والعِزِّ، والحِلمِ، والحِكمةِ، والكبرياءِ، والجَبَروتِ، والقِدَمِ، والحياةِ، والإرادةِ، والمشيئةِ، والكلامِ... وأنَّ له سمعًا وبَصَرًا ووَجهًا ويَدًا على الحقيقةِ، ليس كالأسماعِ والأبصارِ والأيدي والوُجوهِ) [1378] يُنظر: ((التعرف لمذهب أهل التصوف)) (ص: 35). .
وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: (أهلُ السُّنَّةِ مُجمِعونَ على الإقرارِ بالصِّفاتِ الوارِدةِ كُلِّها في القُرآنِ والسُّنَّةِ، والإيمانِ بها، وحَمْلِها على الحقيقةِ لا على المجازِ، إلَّا أنَّهم لا يُكَيِّفونَ شَيئًا مِن ذلك، ولا يَحُدُّونَ فيه صِفةً مَحصورةً، وأمَّا أهلُ البِدَعِ والجَهْميَّةُ والمعتَزِلةُ كُلُّها والخوارجُ، فكُلُّهم يُنكِرُها، ولا يَحمِلُ شيئًا منها على الحقيقةِ، ويَزعُمونَ أنَّ مَن أقَرَّ بها مُشَبِّهٌ، وهم عند مَن أثبَتَها نافونَ للمَعبودِ، والحَقُّ فيما قاله القائِلونَ بما نَطَق به كِتابُ اللهِ وسُنَّةُ رَسولِه، وهم أئمَّةُ الجَماعةِ، والحَمدُ لله) [1379] يُنظر: ((التمهيد)) (7/ 145). .
وقال ابنُ العطَّارِ: (إذا نَطَق الكِتابُ العزيزُ وورَدَت الأخبارُ الصَّحيحةُ بإثباتِ السَّمعِ، والبَصَرِ، والعَينِ، والوَجهِ، والعِلْمِ، والقُوَّةِ، والقُدرةِ، والعَظَمةِ، والمَشيئةِ، والإرادةِ، والقَولِ، والكَلامِ، والرِّضا، والسَّخَطِ، والحُبِّ، والبُغضِ، والفَرَحِ، والضَّحِكِ- وجَبَ اعتِقادُ حَقيقتِه مِن غيرِ تَشبيهٍ لشَيءٍ مِن ذلك بصِفاتِ المربوبينَ المخلوقينَ، والانتهاءُ إلى ما قاله اللهُ سُبحانَه ورَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، من غيرِ إضافةٍ ولا زيادةٍ عليه، ولا تكييفٍ ولا تشبيهٍ، ولا تحريفٍ ولا تبديلٍ ولا تغييرٍ، ولا إزالةِ لَفظٍ عمَّا تَعرِفُه العَرَبُ وتَضَعُه عليه، والإمساكُ عَمَّا سوى ذلك) [1380] يُنظر: ((الاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد)) (ص: 132). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (العَقلُ قد يَئِسَ مِن تعَرُّفِ كُنْهِ الصِّفةِ وكَيفيَّتِها؛ فإنَّه لا يَعلَمُ كيف اللهُ إلَّا اللهُ، وهذا معنى قَولِ السَّلَفِ: بلا كَيفٍ، أي: بلا كَيفٍ يَعقِلُه البَشَرُ، فإنَّ مَن لا تَعلَمُ حَقيقةَ ذاتِه وماهيَّتِه، كيف تَعرِفُ كيفيَّةَ نُعوتِه وصِفاتِه؟ ولا يَقدَحُ ذلك في الإيمانِ بها، ومَعرفةِ مَعانيها، فالكيفيَّةُ وراءَ ذلك، كما أنَّا نَعرِفُ معانيَ ما أخبَرَ اللهُ به من حقائِقِ ما في اليَومِ الآخِرِ، ولا نعرِفُ حقيقةَ كيفيَّتِه، مع قُربِ ما بين المخلوقِ والمخلوقِ، فعَجْزُنا عن معرفةِ كيفيَّةِ الخالِقِ وصِفاتِه أعظَمُ وأعظَمُ!) [1381] يُنظر: ((مدارج السالكين)) (3/ 335). .
وقال محمَّدُ بنُ إبراهيمَ آل الشَّيخِ: (طريقةُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ في هذا البابِ: أن يُوصَفَ اللهُ بما وَصَف به نَفْسَه ووصَفَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، لا يتجاوَزُ القُرآنَ والحديثَ، مِن غَيرِ تحريفٍ ولا تعطيل،ٍ ومن غيرِ تكييفٍ ولا تمثيلٍ، ويَعلَمونَ أنَّ ما وصَفَ اللهُ به نَفْسَه أو وصَفَه به رَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليس فيه لُغزٌ ولا أحاجِيُّ، بل معناه يُعرَفُ مِن حيثُ يُعرَفُ مقصودُ المتكَلِّمِ بكلامِه، لا سِيَّما إذا كان المتكَلِّمُ هو اللهَ جَلَّ وعلا، أو الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذي هو أفصَحُ الخَلقِ مُطلقًا مِن جميعِ الوُجوهِ، وأعمَلُهم بما يَقولُ، وهو سُبحانَه مع ذلك لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] لا في ذاتِه، ولا في أسمائِه وصِفاتِه، ولا في أفعالِه) [1382] يُنظر: ((فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم)) (13/ 132). .
وقال ابنُ باز: (السَّلَفُ رَحِمَهم اللهُ ومن سار على نهجِهم إلى يومِنا هذا، يُثبِتونَ للهِ ما أثبَتَه لنَفْسِه من صِفاتِ الكَمالِ، أو أثبَتَه له رَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَعتَقِدونَ حقيقتَها اللَّائِقةَ بجَلالِه، من غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ولا تكييفٍ ولا تمثيلٍ، ولا تأويلٍ لها عن ظاهِرِها، ولا تفويضٍ) [1383] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (2/ 99). .

انظر أيضا: