الموسوعة العقدية

الفرعُ الثاني: فَضْلُ سَودةَ بِنتِ زَمْعةَ رَضِيَ اللهُ عنها

ورَدَت لها رَضِيَ اللهُ عنها فَضائِلُ ومَناقِبُ جَليلةٌ في عِدَّةِ أحاديثَ؛ منها:
1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كان رسولُ اللهِ إذا أراد سفَرًا أقرَعَ بين نِسائِه، فأيَّتُهنَّ خرج سَهْمُها خرج بها معه، وكان يَقسِمُ لكُلِّ امرأةٍ منهنَّ يومَها وليلَتَها، غيرَ أنَّ سَودةَ بِنتَ زَمعةَ وهبت يَومَها وليلَتَها لعائِشةَ زَوجِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، تبتغي بذلك رِضا رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّ م)) [2278] رواه البخاري (2593) واللَّفظُ له، ومسلم (1463، 2770) مفرقًا مطولًا. .
قال ابنُ القَيِّمِ: (لَمَّا توفاها اللهُ سُبحانَه وتعالى يعني خديجةَ رَضِيَ اللهُ عنها تزوَّج بَعْدَها سودةَ بِنتَ زَمعةَ رَضِيَ اللهُ عنها... وكَبِرَت عنده وأراد طلاقَها، فوَهَبَت يومَها لعائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، فأمسَكَها، وهذا من خواصِّها أنَّها آثَرَت بيَومِها حُبَّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ تقرُّبًا إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وحُبًّا له، وإيثارًا لمُقامِها معه، فكان يَقسِمُ لنسائِه ولا يَقسِمُ لها، وهي راضيةٌ بذلك، مؤثِرةٌ لِرضا رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، رَضِيَ اللهُ عنها) [2279] يُنظر: ((جلاء الأفهام)) (ص: 237). .
2- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: (ما رأيتُ امرأةً أحَبَّ إليَّ أن أكونَ في مِسْلاخِها من سَودةَ بنتِ زَمعةَ مِن امرأةٍ فيها حِدَّةٌ) [2280] رواه مسلم (1463). .
 قال أبو العبَّاسِ القُرطُبيُّ: (قَولُ عائِشةَ: «ما رأيتُ امرأةً أحَبَّ إليَّ أن أكونَ في مِسْلاخِها من سَودةَ» أي: في جِلْدِها. وحقيقةُ ذلك: أنَّها تمَّنت أن تكونَ هي؛ لأنَّ أحدًا لا يتمنَّى أن يكونَ في جِلْدِ غَيرِه. وهذا اللَّفظُ قد جرى مجرى المثَلِ. ومَقصودُها: أنَّها أحبَّت أن تكونَ على مِثْلِ حالها في الأوجُهِ التي استحسَنَتْ منها.
و«قولُها: مِن امرأةٍ فيها حِدَّةٌ» «مِن» هنا: للبيانِ والخروجِ من وَصفٍ إلى ما يخالِفُه، ولم تُرِدْ تنقيصَها بذلك، وإنما أرادت أنَّها كانت شَهْمةَ النَّفسِ، حديدةَ القَلْبِ، حازِمةً مع عَقلٍ رَصينٍ، وفَضلٍ مَتينٍ؛ ولذلك جعَلَت يومَها لعائِشةَ) [2281] يُنظر: ((المفهم)) (4/ 208). .
وقال ابنُ الأثيرِ: (في حديثِ عائِشةَ «ما رأيتُ امرأةً أحَبَّ إليَّ أن أكونَ في مِسلاخِها من سَودةَ» كأنَّها تمنَّت أن تكونَ في مِثْلِ هَدْيِها وطريقَتِها) [2282] يُنظر: ((النهاية)) (2/389). .

انظر أيضا: