الموسوعة العقدية

المبحثُ الثَّامِنُ: تَقسيمُ البِدعةِ إلى بدعةٍ في العِباداتِ وبِدعةٍ في المُعامَلاتِ

تَنقَسِمُ البِدَعُ بحَسَبِ ما تَقَعُ فيه إلى:
- بدعةٍ في العِباداتِ.
- وبِدعةٍ في المُعامَلاتِ.
فالبِدَعُ في العِباداتِ قِسمانِ أيضًا:
الأوَّلُ: التعَبُّدُ بما لم يَأذَنِ اللَّهُ تعالى أن يُعْبَدَ به البَتَّةَ، كالتعَبُّدِ بآلاتِ اللَّهوِ والرَّقصِ والصَّفقِ والغِناءِ وأنواعِ المَعازِفِ، وغَيرِها مِمَّا فيه مُضاهَاةٌ لفِعلِ الَّذينَ قال اللَّهُ تعالى فيهم: وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً [الأنفال: 35] .
والثَّاني: التعَبُّدُ بما أصلُه مَشروعٌ ولَكِن وُضعَ في غَيرِ مَوضِعِه، ككَشفِ الرَّأسِ مَثَلًا، هو في الإحرامِ عِبادةٌ مَشروعةٌ، فإذا فعَلَهُ غَيرُ المُحرِمِ في الصَّومِ أو في الصَّلاةِ أو غَيرِها بنِيَّةِ التعَبُّدِ كان بدعةً مُحَرَّمةً، وكَذلك فعلُ سائِرِ العِباداتِ المَشروعةِ في غَيرِ ما شُرِعَت فيه، كصَلَواتِ النَّفلِ في أوقاتِ النَّهيِ، وكِصيامِ الشَّكِّ والعِيدَين ونَحوِ ذلك.
وجاءَ عن أنسٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال في الرَّجُلِ الَّذي رَآهُ يَمشي بَينَ ابنَيه: ((إنَّ اللهَ لغَنيٌّ عن تَعذيبِ هذا نَفسَه )) [1166] أخرجه البخاري (6701) واللَّفظُ له، ومسلم (1642). .
ثمَّ البِدْعةُ الواقِعةُ في العبادةِ قد تكونُ مُبطِلةً للعِبادةِ التي تقَعُ فيها لِمَن صلَّى الرُّباعيَّةَ خَمسًا، أو الثُّلاثيَّةَ أربعًا، أو الثُّنائيَّةَ ثَلاثًا، وما شابه ذلك.
وقد تَكونُ مَعصيةً ولا تُبطِلُ العَمَلَ الَّذي تَقَعُ فيه، كالوُضوءِ أربَعًا أربَعًا...
والبِدْعةُ في المُعامَلاتِ: كاشتِراطِ ما لَيسَ في كِتابِ اللهِ ولا في سُنَّةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
فعن عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها قالت: جاءَت بَريرةُ رَضيَ اللهُ عنها فقالت: إنِّي كاتَبتُ أهلي على تِسعِ أواقٍ، في كُلِّ عامٍ أوقيَّةٌ فأعينيني، فقالت عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها: إنْ أحَبَّ أهلُكِ أعُدُّها لَهم عَدَّةً واحِدةً وأُعتِقُكِ فعَلْتُ، ويَكونُ وَلاؤُكِ لي، فذَهبَت إلى أهلِها؛ فأبوا ذلك عليها. فقالت: عَرَضتُ ذلك عليهم فأبَوا إلَّا أن يَكونَ الوَلاءُ لَهم، فسَمِعَ بذلك رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسَألَني فأخبَرتُه فقال: ((خُذِيها فأعتِقِيها واشرُطي لَهمُ الوَلاءَ؛ فإنَّما الوَلاءُ لِمَن أعتَقَ)) فقالت عائِشةُ: فقامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه، ثُمَّ قال: ((أمَّا بَعدُ، فما بالُ رَجالٍ منكُم يَشتَرِطونَ شُروطًا لَيسَت في كِتابِ اللَّهِ؟ فأيُّما شَرطٍ لَيسَ في كِتابِ اللهِ فهو باطِلٌ، وإن كان مِائةَ شَرطٍ، فقَضاءُ الله حَقٌّ وشَرطُ اللهِ أوثَقُ. ما بالُ رَجالٍ منكُم يَقولُ أحَدُهم: أعتِقْ يا فلانُ ولي الوَلاءُ، إنَّما الوَلاءُ لِمَن أعتَقَ)) [1167] أخرجه البخاري (2563) واللَّفظُ له، ومسلم (1504) [1168] يُنظر: ((معارج القبول)) لحافظ الحكمي (3/1232-1236). .

انظر أيضا: