الموسوعة العقدية

المبحثُ التاسعُ: من خُطورةِ البِدعةِ وآثارِها السَّيِّئةِ أنَّها تُبعِدُ صاحِبَها عنِ التَّوبةِ

لا يَبعُدُ أن يَتوبَ بَعضُ المُبتَدِعةِ، ويَرجِعَ إلى الحَقِّ، كما نُقِل عن عَبدِ الله بنِ الحَسَنِ العَنبَريِّ، وما نَقلوهُ في مُناظَرةِ ابنِ عَبَّاسٍ الحَرُوريَّةَ الخارِجينَ على عَلِيٍّ رَضيَ اللهُ عنه، وفي مُناظَرةِ عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزيزِ لبَعضِهم، ولَكِنَّ الغالِبَ في الواقِعِ الإصرارُ، ومن هُنا يُقالُ: يَبعُدُ أن يَتوبَ بَعضُهم.
وسَبَبُ بُعدِهم عنِ التَّوبةِ: أنَّ الدُّخولَ تَحتَ تَكاليفِ الشَّريعةِ صَعبٌ على النَّفسِ؛ لأنَّه أمرٌ مُخالِفٌ للهوى، وصادٌّ عن سَبيلِ الشَّهواتِ، فيَثقُلُ عليها جِدًّا؛ لأنَّ الحَقَّ ثَقيلٌ، والنَّفسَ إنَّما تَنشَطُ بما يوافِقُ هواها لا بما يُخالِفُه، وكُلُّ بدعةٍ فلِلهوى فيها مَدخَلٌ؛ لأنَّها راجِعةٌ إلى نَظَرِ مُختَرِعِها لا إلى نَظَرِ الشَّارِعِ، والمُبتَدِعُ لا بُدَّ لَهُ من تَعَلُّقٍ بشُبهةِ دَليلٍ يَنسُبُها إلى الشَّارِعِ، ويَدَّعي أنَّ ما ذَكرَهُ هو مَقصودُ الشَّارِعِ، فصارَ هواهُ مَقصودًا بدَليلٍ شَرعيٍّ في زَعمِه، فكَيفَ يُمكِنُه الخُروجُ عن ذلك وداعي الهوى مُستَمسِكٌ بجِنسِ ما يَتَمَسَّكُ به، وهو الدَّليلُ الشَّرعيُّ في الجُملةِ؟!

انظر أيضا: