الموسوعة العقدية

المَطْلَب الثَّاني: الفَرْقُ بين الخَطَأِ وبين الجَهْلِ

الجَهلُ يأتي بعِدَّةِ مَعانٍ؛ منها:
خُلوُّ النَّفسِ من العِلمِ [1504] يُنظر: ((المفردات)) للراغب (ص: 209)، ((لسان العرب)) لابن منظور (1/ 713). ، وهو المعنى المشهورُ.
ومنها: اعتقادُ الشَّيءِ بخلافِ ما هو عليه [1505] يُنظر: ((المفردات)) للراغب (ص: 209) ((التعريفات)) للجرجاني (ص: 80).
ومنها: فِعلُ الشَّيءِ بِخلافِ ما حَقُّه أن يُفعَلَ، سواءٌ اعتقد فيه اعتقادًا صحيحًا أو فاسدًا [1506] يُنظر: ((المفردات)) للراغب (ص: 209). ، ومنه قَولُه سُبحانَه: فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ [الحجرات: 6] .
 قال الشَّوكاني: (قَولُه: أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ أي: كراهةَ أن تُصِيبوا، أو لئلَّا تُصِيبوا؛ لأنَّ الخَطَأَ ممَّن لم يَتبيَّنِ الأمرَ ولم يتثَبَّتْ فيه، هو الغالِبُ، وهو جَهالةٌ؛ لأنَّه لم يَصدُرْ عن عِلمٍ) [1507] ينظر: ((تفسير الشوكاني)) (5/ 71). .
وقد سبق الكلامُ عن أدِلَّةِ أهلِ العِلمِ في العُذرِ بالجَهلِ، ومقصودُهم بالجَهْلِ الذي يُعذَرُ صاحِبُه: أن يقولَ قولًا أو يعتَقِدَ اعتقادًا بخِلافِ الحَقِّ، غيرَ عالمٍ وغيرَ قاصدٍ للمُخالَفةِ، رَغْمَ اجتِهادِه في رَفْعِ الجَهلِ عن نَفْسِه، وهو بهذا المعنى يتَّفِقُ مع الخطَأِ؛ حيث إنَّ الجاهِلَ والمخطِئَ غيرُ قاصِدَينِ للمخالَفةِ؛ لذلك وردت النُّصوصُ من الكِتابِ والسُّنَّةِ في إعذارِهما ورَفْعِ الإثمِ عنهما في حُكْمِ من لم تَقُمْ عليه الحُجَّةُ. واللهُ أعلَمُ [1508] ينظر: ((التعريفات)) للجرجاني (ص: 80، 99، 100)، ((نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف)) للوهيبي (1/302). .

انظر أيضا: