الموسوعة العقدية

الفَصلُ الثَّالثُ: الإيمانُ المستحَبُّ

الإيمانُ المستحَبُّ أو الإيمانُ الكامِلُ بالمستحَبَّاتِ هو إيمانُ السَّابِقِ بالخيراتِ.
قال اللهُ تعالى: وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر: 32] .
وهو قدرٌ زائِدٌ على الإيمانِ الواجِبِ بفِعلِ المندوباتِ والمستحَبَّاتِ، وتَرْكِ المكروهاتِ والمشتَبِهاتِ، والترَقِّي في مقاماتِ الإحسانِ، فهو دائِمُ المراقبةِ لله، والمشاهَدةِ لآلائِه وعَظَمتِه وجلالِه سُبحانَه وتعالى، يعبُدُ اللهَ كأنَّما يرى اللهَ سُبحانَه وتعالى، خوفًا وتعظيمًا ومهابةً، وتوكُّلًا عليه وإخلاصًا له، مع كمالِ الحُبِّ والذُّلِّ والخضوعِ والإنابةِ والمسكَنةِ، وهذا إيمانُ الصِّدِّيقين والمقَرَّبين الأبرارِ.
 قال ابنُ القَيِّمِ: (وأمَّا السَّابقون المقَرَّبون فنستغفِرُ اللهَ الذي لا إله إلَّا هو أوَّلًا من وَصْفِ حالِهم وعَدَمِ الاتِّصافِ به، بل ما شَمَمْنا له رائحةً! ولكِنْ محبَّةُ القومِ تحمِلُ على تعَرُّفِ مَنزِلَتِهم والعِلمِ بها، وإن كانت النفوسُ متخَلِّفةً منقَطِعةً عن اللَّحاقِ بهم) [650] يُنظر: ((طريق الهجرتين)) (ص: 205). .
وأصحابُ هذه المرتبةِ يَستَحِقُّونَ دُخولَ الجنَّةِ ابتداءً في أعلى الدَّرَجاتِ بفَضلِ اللهِ وتوفيقِه، والنَّقصُ في هذه المرتبةِ لا يترتَّبُ عليه فِسقٌ أو وعيدٌ بعِقابٍ أو نفيٌ لكمالِ الإيمانِ الواجِبِ، ولكِنْ صاحِبُه يفوتُه عُلُوُّ الدَّرَجةِ وسُمُوُّ المنزلةِ عند اللهِ تعالى.

انظر أيضا: