الموسوعة العقدية

الفَرعُ الثَّاني: أهميَّةُ عَمَلِ القَلبِ

القَلبُ هو مَوضِعُ الإيمانِ الأصليِّ، وإيمانُه أهمُّ أجزاءِ الإيمانِ، ومِن هنا كان قَولُه وعَمَلُه هو أصلَ الإيمانِ الذي لا يوجَدُ بدُونِه مهما عَمِلَت الجوارحُ، ولا خِلافَ بين عُقَلاءِ بني آدَمَ في أنَّ كُلَّ حَرَكةٍ بالجارحةِ لا تكونُ إلَّا بإرادةٍ قلبيَّةٍ، فإذا كانت إرادتُه إيمانيَّةً كانت الأفعالُ العضويَّةُ إيمانًا، وإذا كانت إرادتُه إرادةَ كُفرٍ ونِفاقٍ أو عصيانٍ، كانت تلك مِثْلَها، والنُّصوصُ الدَّالَّةُ على ذلك كثيرةٌ.
أوَّلًا: الأدِلَّةُ من القُرآنِ:
1- قَولُ اللهِ تعالى: أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [المجادلة:22] .
2- قَولُه: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:7] .
3- قَولُه في حَقِّ الأعرابِ: وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: 14] .
4- قَولُه: وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ [آل عمران:154] .
وغيرُ ذلك من الآياتِ الدَّالَّةِ على الطَّبعِ والخَتمِ على قُلوبِ الكافرينَ، أو كَونِها في أكِنَّةٍ أو مُغلقةً، ونحوِها، وكُلُّ آيةٍ وَرَد فيها قَولُه: بِذَاتِ الصُّدُورِ [39] وهي كثيرةٌ، وتدُلُّ على ارتباطِ أعمالِ القَلبِ بأعمالِ الجوارحِ؛ لأنَّها كثيًرا ما تَرِدُ في أعمالِ الجوارحِ. .
ثانيًا: الأدِلَّةُ من السُّنَّةِ
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((التَّقوى هاهنا، ويُشِير إلى صدرِه ثلاثَ مَرَّاتٍ )) [40] أخرجه مسلم (2564) مطولاً. .
2- عنِ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضغةً إذا صَلَحَت صَلَح الجَسَدُ كُلُّه، وإذا فَسَدَت فَسَد الجَسَدُ كُلُّه، ألَا وهي القَلبُ )) [41] أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599) مطولاً. .
3- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا مُقَلِّبَ القُلوبِ ثَبِّت قَلْبي على دينِك )) [42] أخرجه مطولاً من طُرُقٍ: الترمذي (2140)، وأحمد (12107) واللَّفظُ لهما، وابنُ ماجه (3834). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2140)، وحَسَّنه الترمذيُّ، وقوَّى إسنادَه على شرط مسلم: شُعَيبٌ الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (12107). .

انظر أيضا: