الموسوعة العقدية

الفَرعُ الأولُ: الإنضاجُ

تُنضِجُ النَّارُ جُلُودَ الكافِرينَ وتُبَدَّلُ جُلُودًا غيرَها.
قال اللهُ تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا [النساء: 56] .
قال ابنُ جَريرٍ: (هذا وعيدٌ مِنَ الله جَلَّ ثَناؤُه لِلَّذينَ أقامُوا على تَكذيبهم بما أنزَلَ اللهُ على مُحَمَّدٍ مَن يَهودِ بني إسرائيلَ وغيرِهم مِن سائِرِ الكُفَّارِ برَسولِه. يَقُولُ الله لَهم: إنَّ الَّذينَ جَحَدُوا ما أنزَلْتُ على رَسولي مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن آياتي، يَعني: مِن آياتِ تَنزيلِه ووَحْيِ كِتابِه، وهي دَلالاتُه وحُجَجُه على صِدْقِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلَم يُصَدِّقُوا به مِن يَهودِ بني إسرائيلَ وغيرِهم مِن سائِرِ أهلِ الكُفْرِ به سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا يَقُولُ: سَوفَ نُنضِجُهم في نارٍ يَصلَونَ فيها: أي يُشوَوْنَ فيها كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ يَقُولُ: كُلَّما انشَوتَ بها جُلُودُهم فاحتَرَقَت بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا يَعني: غيرَ الجُلُودِ الَّتي قَد نَضِجَت فانشَوَت... وأمَّا مَعنى قَولِه: ليَذُوقُوا العَذَابَ فإنَّه يَقُولُ: فعَلْنا ذَلِكَ بهم ليَجِدُوا ألمَ العَذابِ وكَرْبَه وشِدَّتَه بما كانُوا في الدُّنيا يُكذِّبُونَ آياتِ اللهِ ويَجْحَدُونَها) [5205] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/ 163-167). .
وقال السَّعْديُّ: (إنَّ الَّذينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا أي: عَظيمةَ الوقُودِ شَديدةَ الحَرارةِ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ أي: احتَرَقَت بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَها لِيَذُوقُوا العَذَابَ أي: ليَبلُغَ العَذابُ مِنهم كُلَّ مَبلَغٍ. وكَما تَكَرَّرَ مِنهمُ الكُفْرُ والعِنادُ وصارَ وصفًا لَهم وسَجيَّةً، كُرِّر عليهمُ العَذابُ جَزَاءً وِفاقًا؛ ولِهذا قال: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا أي: لَه العِزَّةُ العَظيمةُ والحِكْمةُ في خَلقِه وأمرِه، وثَوابِه وعِقابِه) [5206] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 183). .

انظر أيضا: