الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ العاشِرُ: دَوابُّ الجَنَّةِ وطُيُورُها

عَن أنسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنه قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما الكَوثَرُ؟ قال: ((ذاكَ نَهرٌ أعطانيه اللهُ، يَعني في الجَنَّةِ، أشَدُّ بياضًا مِنَ اللَّبَنِ، وأحلى مِنَ العَسَلِ، فيها طيرٌ أعناقُها كَأعناقِ الجُزُرِ )). قال عُمَرُ: إنَّ هذه لَناعِمةٌ! قال رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أكَلَتُها أحسَنُ مِنها)) [4656] أخرجه الترمذي (2542) واللَّفظُ له، وأحمد (13480).  صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2542)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (13480)، وقال الترمذي: حسنٌ غريبٌ. .
قال علي القاري: ( ((فيه)) أي: في ذَلِكَ النَّهرِ أو في أطرافِه ((طيرٌ)) أي: جِنسٌ مِنَ الطُّيُورِ طَويلُ العُنُقِ وكَبيرُه ((أعناقُها كَأعناقِ الجُزُرِ)): بضَمِّ الجيمِ والزَّايِ، جَمعُ جَزُورٍ، والمَعنى أنَّه أعِدُّ لِلنَّحرِ ليَأكُلَ مِنه أصحابُ شُربِ ذَلِكَ النَّهرِ، فإنَّه يَتِمُّ عيشُ الدَّهرِ. ((قال عُمرُ رَضِيَ اللهُ عَنه: إنَّ هذه)) أيِ: الطّيرَ؛ فإنَّه يُذكَّرُ ويُؤَنَّثُ ((لناعِمةٌ)) أي: لِمُتَنَعِّمةٌ أو لِنِعمةٌ طيِّبةٌ)  [4657]يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (9/ 3591). .
وعَن أبي مَسعُودِ عُقْبةَ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنه قال: جاءَ رَجُلٌ بناقةٍ مَخطُومةٍ، فقال: هذه في سَبيلِ اللهِ، فقال رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَكَ بها يَومَ القيامةِ سَبعُمِائةِ ناقةٍ كُلُّها مَخطُومةٌ )) [4658] أخرجه مسلم (1892). .
قال عِياضٌ: (قَولُه في الذي جاءَ بناقةٍ في سَبيلِ اللَّهِ: ((لَكَ بها يَومَ القيامةِ سَبعُمِائةٍ ناقةٍ)) مُطابقٌ لِقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في تَضعيفِ الحَسَناتِ إلى سَبعِمِائةِ ضِعفٍ، وأصلُه قَولُه تعالى: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ، ويُحتَمَلُ أن يَكُونَ على ظاهرِه، تَكُونُ لَه في الجَنَّةِ يَرْكَبُها حيثُ شاءَ، ...، وقَد يَكُونُ ذَلِكَ إشارةً إلى تَضعيفِ ثَوابِه، وتَسميةُ الثَّوابِ باسمِ الحَسَنةِ والطَّاعةِ، لَكِنَّ قَولَه: ((مَخطُومةٌ)) يُقوِّي أنَّه على ظاهرِه، ومَعناه: عليها خِطامٌ، وهو مِثلُ الزِّمامِ) [4659] يُنظر: ((إكمال المعلم)) (6/ 315). .
وقال النَّوويُّ: (مَعنى مَخطُومة، أي: فيها خِطامٌ، وهو قَريبٌ مِنَ الزِّمامِ... قيلَ: يُحتَمَلُ أنَّ المُرادَ: لَه أجرُ سَبعِمِائةٍ ناقةٍ، ويُحتَمَلُ أن يَكُونَ على ظاهرِه، ويَكُونَ لَه في الجَنةِ بها سَبعُمِائةٍ كُلُّ واحِدةٍ مِنهن مَخطُومةٌ يَركَبُهن حيثُ شاءَ لِلتَّنزُّهِ، كَما جاءَ في خيلِ الجَنةِ ونُجُبِها، وهذا الِاحتِمالُ أظهَرُ، واللهُ أعلَمُ) [4660] يُنظر: ((شرح مسلم)) (13/ 38). .

انظر أيضا: