الموسوعة العقدية

المَبحَثُ الثَّامِنُ: أوَّلُ ما يُحاسَبُ عليه العَبدُ من أعمالِه

أوَّلُ ما يُحاسَبُ عليه العَبدُ من الأعمالِ الصَّلاةِ
عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه قال: سَمِعتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ به العَبدُ يَومَ القيامةِ من عَمَلِه صَلاتُه؛ فإن صَلَحَت فقد أفلَحَ وأنجَحَ، وإن فسَدَتَ فقد خابَ وخَسِرَ، فإنِ انتَقَصَ من فريضَتِه شَيئًا، قال الرَّبُّ تَبارَك وتعالى: انظُروا هَل لعَبْدي من تَطَوُّعٍ، فيُكملُ بها ما انتَقَصَ من الفَريضةِ، ثُمَّ يَكونُ سائِرُ عَمَلِه على ذلك )) [3740] أخرجه الترمذي (413) واللَّفظُ له، والنسائي (465). صحَّحه ابن باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (6/29)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (413)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((رياض الصالحين)) (1081)، وقال الترمذي: حسن غريب، وصحَّح إسناده بمعناه النووي في ((المجموع)) (4/55)، وذكر ثبوته ابن العراقي في ((طرح التثريب)) (3/34). .
قال الطِّيبيُّ: (ذلك أنَّ الصَّلاةَ أمُّ العِباداتِ ومُستَتبعُها، وهيَ بمَنزِلةِ القَلبِ من الإنسانِ، فإذا صَلَحت صَلَحَتِ الأعمالُ، وإذا فسَدتْ فسَدَتِ الأعمالُ) [3741] يُنظر: ((شرح المشكاة)) (4/ 1252). .
وقال ابنُ بازٍ: (يَعني إن صَحَّتَ صَلاتُه واستَقامَت وقَبِلَها اللهُ منه، فذلك من أسبابِ قَبولِ بَقيَّةِ أعمالِه، وإنْ أضاعَ الصَّلاةَ ولَم تَستَقِمِ الصَّلاةُ فهو من أسبابِ ضياعِ أعمالِه، الصَّلاةُ كالميزانِ لبَقيَّةِ الأعمالِ، فيَنبَغي للمُؤمِنِ أن يَحرِصَ على إتقانِها وإكمالِها وحِفظِها حَتَّى لا يَتَطَرَّقَ إليها نَقصٌ؛ لأنَّ هذا من أسبابِ تَوفيقِ اللهِ له في جَميعِ أعمالِه بَعدَ ذلك، ومن حافَظ عليها حَفِظَ دينَه، ومن ضَيَّعَها فهو لِما سِواها أضيَعُ) [3742] يُنظر: ((فتاوى نور على الدرب)) (6/ 217). .
وقال ابنُ عُثَيمين: (فيه أنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ عليه العَبدُ من أعمالِه يَومَ القيامةِ الصَّلاةُ، وهذا بالنِّسبةِ لحَقِّ الله عزَّ وجَلَّ، فإنْ صَلَحَت فقد أفلَحَ ونَجَحَ، وإلَّا فعلى العَكسِ خابَ وخَسِرَ، والعياذُ باللهِ، أمَّا بالنِّسبةِ لحُقوقِ الآدَميِّينَ، فأوَّلُ ما يُقضى بينَ النَّاسِ في الدِّماءِ؛ لأنَّها أعظَمُ الحُقوقِ الدِّماء، يَعني: القتْلَ، ثُمَّ يَأتي بَقيَّةَ المُحاسَبةِ على ما يَبقى) [3743] يُنظر: ((شرح رياض الصالحين)) (5/ 103). .
وعن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ النَّاسُ به يَومَ القيامةِ من أعمالِهمِ الصَّلاةُ، قال: يَقولُ رَبُّنا عزَّ وجَلَّ لمَلائِكَتِه، وهو أعلَمُ: انظُروا في صَلاةِ عَبدي، أتَمَّها أم نَقَصَها؟ فإن كانت تامَّةً كُتِبت له تامَّةً، وإن كان انتَقَصَ منها شَيئًا، قال: انظُروا، هَل لعَبدي من تَطَوُّعٍ، فإن كان له تَطَوُّعٌ، قال: أتمُّوا لعَبدي فريضَتَه من تَطَوُّعِه، ثُمَّ تُؤخَذُ الأعمالُ بَعدَ ذلك)) [3744] أخرجه من طرق أبو داود (864) واللَّفظُ له، والنسائي (466)، وابن ماجه (1426)، وأحمد (9494) صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (864)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (9494). .
قال ابنُ رسلانَ: ( ((انظُروا في صَلاةِ عَبدي)) أي: ((أتَمَّها أم نَقصَها)) بتَخفيفِ القافِ، أي: نَقَصَ من شَرائِطِها وأركانِها، كقَولِه تعالى: ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ أي: يَنقُصوا من شُروطِ عَهدِكم شَيئًا ((فإن كانت)) صَلاتُه ((تامَّةً)) أي: تامٌّ وُضوؤُها، ومَواقيَتُها وخُشوعُها ورُكوعُها وسُجودُها وشَرائِطُها وأركانُها وأبعاضُها ((كُتِبَت له تامَّةً)) بالنِّصبِ، أي: كُتِبَ له ثَوابُها كامِلًا مُضاعَفًا أضعافًا كثيرةً ((وإنِ انتَقَصَ منها شَيئًا قال)) اللهُ تعالى لمَلائِكَتِه ((انظُروا هَل لعَبْدي من تَطَوُّعٍ)) يَشمَلُ المَسنونَ المُؤَكَّدَ وغَيرَ المُؤَكَّدِ والمُؤَقَّتَ وذاتَ السَّبَبِ، والمُستَحَبَّاتِ والنَّوافِلَ المَطلَقةَ) [3745] يُنظر: ((شرح سنن أبي داود)) (4/ 672). .
عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه عن رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أوَّلُ ما يُحاسَبُ به العَبْدُ صَلاتُه، فإن كان أكملَها، وإلَّا قال اللهُ عزَّ وجَلَّ: انظُروا لعَبدي من تَطَوُّعٍ، فإن وُجِدَ له تَطَوُّعٌ. قال: أكملوا به الفَريضةَ)) [3746] أخرجه النسائي (467) واللَّفظُ له، وإسحق بن راهويه في ((المسند)) (506)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (2554). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (467)، وصحَّح إسناده ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (5/229)، وابن الملقن في ((تحفة المحتاج)) (1/333)، وشعيب الأرناؤوط على شرط الشيخين في تخريج ((شرح مشكل الآثار)) (2554). .

انظر أيضا: