الموسوعة العقدية

الْمَطْلَبُ الرَّابِعُ: زَمَنُ خُروجِ يَأجوجَ ومَأجوجَ

خُروجُهم يَقَعُ بَعدَ نُزولِ عيسى بنِ مَريَمَ وهَزيمَتِه للدَّجالِ.
عَنِ النَّوَّاسِ بنِ سَمْعانَ رَضِيَ الله عَنه أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال عَن نُزولِ عيسى عليه السَّلامُ: ((فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ علَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وإذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ منه جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حتَّى يُدْرِكَهُ ببَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ منه، فَيَمْسَحُ عن وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بدَرَجَاتِهِمْ في الجَنَّةِ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إلى عِيسَى: إنِّي قدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَانِ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ من كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ علَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ ما فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فيَقولونَ: لقَدْ كانَ بهذِه مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حتَّى يَكونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا من مِئَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَومَ )) [2868] أخرجه مسلم (2937) مُطَولًا. .
قال أبو العَبَّاس القُرطُبيُّ: (قَولُه: ((فيَمسَحُ عَن وُجوهِهم))... أي: يُزيلُ عَن وُجوهِهم بمَسحِه ما أصابَها من غُبارِ سَفَرِ الغَزوِ ووَعْثائِه؛ مُبالَغةً في إكرامِهم وفي اللُّطفِ بهم، والتَّحفِّي بهم. وقيلَ: مَعناه يَكشِفُ ما نَزَلَ بهم مِنَ الخَوفِ والمِشَقَّاتِ، والأولى: الحَقيقةُ، وهذا تَوَسُّعٌ. وقَولُه: ((إنِّي قَد أخرَجتُ عِبادًا لي لا يَدانِ لأحَدٍ بقِتالِهم)) أي: لا قُدرةَ لأحَدٍ على قِتالِ يَأجوجَ ومَأجوجَ. يُقالُ: لا يَدَ لفُلانٍ بهذا الأمرِ، أي: لا قُوَّةَ. وقَولُه: ((فحَرِّزْ عِبادي إلى الطُّورِ)) هَذِه الرِّوايةُ الصَّحيحةُ بالزَّايِ، أيِ ارتَحِلْ بهم إلى جَبَلٍ يَحرِزونَ فيه أنفُسَهم... ويُحتَمَلُ أن يَكونَ ذلك هو طُورَ سيناءَ... وقَولُه: ((ويَبعَثُ اللهُ يَأجوجَ ومَأجوجَ، وهم من كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلونَ))... الحَدبُ: النَّشزُ مِنَ الأرضِ، وهيَ الآكامُ والكداءُ. ويَنسِلونَ: مِنَ النَّسَلانِ، وهيَ مُقارَبةُ الخَطوِ مَعَ الإسراعِ، كمَشيِ الذِّئَبِ إذا بادَرَ، قاله القُتبيُّ. وقال الزَّجَّاجُ: يَنسِلونَ: يُسْرِعونَ) [2869] يُنظر: ((المفهم)) (7/ 284). .
وقال النَّوَويُّ: ( ((ثُمَّ يَأتي عيسى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَومًا قَد عَصَمَهم اللهُ مِنه فيَمسَحُ عَن وُجوهِهم)) قال القاضي يُحتَمَلُ أنَّ هذا الْمَسحَ حَقيقةٌ على ظاهِرِه، فيَمسَحُ على وُجوهِهم تَبرُّكًا وبِرًّا، ويُحتَمَلُ أنَّه إشارةٌ إلى كشفِ ما هم فيه مِنَ الشِّدَّةِ والخَوفِ) [2870] يُنظر: ((شرح مسلم)) (18/ 68). .

انظر أيضا: