الموسوعة العقدية

الفَرعُ الرَّابِعُ: التَّسَلُّحُ بالعِلمِ والصَّبرِ واليَقينِ

عَن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ الله عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ، فَتَلْقاهُ المَسالِحُ، مَسالِحُ الدَّجَّالِ، فيَقولونَ له: أيْنَ تَعْمدُ؟ فيَقولُ: أعْمِدُ إلى هذا الذي خَرَجَ، قالَ: فيَقولونَ له: أوَما تُؤْمِنُ برَبِّنا؟ فيَقولُ: ما برَبِّنا خَفاءٌ، فيَقولونَ: اقْتُلُوهُ، فيَقولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أليسَ قدْ نَهاكُمْ رَبُّكُمْ أنْ تَقْتُلُوا أحَدًا دُونَهُ؟ قالَ: فَيَنْطَلِقُونَ به إلى الدَّجَّالِ، فإذا رَآهُ المُؤْمِنُ قالَ: يا أيُّها النَّاسُ هذا الدَّجَّالُ الذي ذَكَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَيَأْمُرُ الدَّجَّالُ به فيُشبَحُ، فيَقولُ: خُذُوهُ وشُجُّوه، فيُوسَعُ ظَهْرُه وبَطْنُهُ ضَرْبًا، قالَ: فيَقولُ: أوَما تُؤْمِنُ بي؟ قالَ: فيَقولُ: أنْت المَسِيحُ الكَذَّابُ، قالَ: فيُؤْمَرُ به فيُؤْشَرُ بالمِئْشارِ من مَفْرِقِهِ حتَّى يُفَرَّقَ بيْنَ رِجْلَيْهِ، قالَ: ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بيْنَ القِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يقولُ له: قُمْ، فَيَسْتَوِي قائِمًا! قالَ: ثُمَّ يقولُ له: أتُؤْمِنُ بي؟ فيَقولُ: ما ازْدَدْتُ فِيكَ إلَّا بَصِيرَةً، قالَ: ثُمَّ يقولُ: يا أيُّها النَّاسُ إنَّه لا يَفْعَلُ بَعْدِي بأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، قالَ: فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فيُجْعَلُ ما بيْنَ رَقَبَتِهِ إلى تَرْقُوَتِهِ نُحاسًا، فلا يَسْتَطِيعُ إلَيْهِ سَبِيلًا، قالَ: فَيَأْخُذُ بيَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ به، فَيَحْسِبُ النَّاسُ أنَّما قَذَفَهُ إلى النَّارِ، وإنَّما أُلْقِيَ في الجَنَّةِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: هذا أعْظَمُ النَّاسِ شَهادَةً عِنْدَ رَبِّ العالَمِينَ)) [2609] أخرجه البخاري (1882)، ومسلم (2938) واللَّفظُ له. .
قال ابنُ عُثَيمين: (هذا من أعظَمِ النَّاسِ شَهادةً عِندَ الله؛ لأنَّه في هذا الْمَقامِ العَظيمِ الرَّهيبِ الذي لا نَتَصَوَّرُه نَحنُ في هذا الْمَكانِ، لا يَتَصَوَّرُ رَهبَتَه إلَّا من باشَرَه، ومَعَ ذلك يُصرِّحُ على الْمَلَأِ إعذارًا وإنذارًا بأنَّكَ أنت الدَّجَّالُ الذي ذَكرَ لَنا رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، هَذِه حالُه، وما يَدعو إليه) [2610] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (2/ 16). .
فهذا الحَديثُ يُشيرُ إلى جانِبٍ مُهمٍّ في التَّعامُلِ مَعَ فتنةِ الْمَسيحِ الدَّجَّالِ، وهو أوَّلًا العِلمُ بها وَفْقَ ما ثَبت عَن نَبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذلك الرَّجُلُ الْمُؤمِنُ يَقولُ عِندَما يواجِهُ الدَّجَّالَ: (يا أيُّها النَّاسُ، هذا الدَّجَّالُ الذي ذَكَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ) فهو على عِلمٍ مُسبَقًا بشَأنِ هذا الدَّجَّالِ وصِفاتِه، ثُمَّ هو يُذكِّرُ النَّاسَ بذلك. وقَد واجَهَ أمامَه القَتْلَ والتَّعذيبَ، فصبَر وثَبَتَ، وما زادَه ذلك إلَّا يَقينًا؛ إذ يَأْمُرُ الدَّجَّالُ به فيُشبَحُ، فيَقولُ: خُذُوهُ وشُجُّوهُ، فيُوسَعُ ظَهْرُهُ وبَطْنُهُ ضَرْبًا، قالَ: فيَقولُ: أوَما تُؤْمِنُ بي؟ قالَ: فيَقولُ: أنْت المَسِيحُ الكَذَّابُ، قالَ: فيُؤْمَرُ به فيُؤْشَرُ بالمِئْشارِ من مَفْرِقِهِ حتَّى يُفَرَّقَ بيْنَ رِجْلَيْهِ، قالَ: ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بيْنَ القِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يقولُ له: قُمْ، فَيَسْتَوِي قائِمًا، قالَ: ثُمَّ يقولُ له: أتُؤْمِنُ بي؟ فيَقولُ: ما ازْدَدْتُ فِيكَ إلَّا بَصِيرَةً، قالَ: ثُمَّ يقولُ: يا أيُّها النَّاسُ إنَّه لا يَفْعَلُ بَعْدِي بأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ [2611] يُنظر: ((الموسوعة في الفتن والملاحم وأشراط الساعة)) لمحمد المبيِّض (ص: 753). .

انظر أيضا: