الموسوعة العقدية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: من خَصائِصِ مَنهَجِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ في تَقريرِ مَسائِلِ الاعتِقادِ: تجنُّبُ الجَدَلِ والخُصوماتِ في الدِّينِ

كان للسَّلَفِ مَوقِفٌ واضِحٌ وصَريحٌ مِنَ الجَدَلِ والخُصوماتِ في مَسائِلِ الاعتِقادِ، حتى عدُّوا الكلامَ والتمحُّلَ فيها من البِدَعِ، التي شدَّدوا النَّكيرَ على مُقتَرفيها.
قال مالِكٌ: (الكلامُ في الدِّينِ أكرَهُه، ولم يَزَلْ أهلُ بلَدِنا يَكرَهونَه، ويَنهَون عنه، نحوُ الكلامِ في رأيِ جَهمٍ والقَدَرِ، وكُلِّ ما أشبهَ ذلك، ولا أحِبُّ الكلامَ إلَّا فيما تحتَه عَمَلٌ، فأمَّا الكلامُ في دينِ اللهِ، وفي اللهِ عزَّ وجَلَّ، فالسُّكوتُ أحبُّ إليَّ؛ لأنِّي رأيتُ أهلَ بَلَدِنا يَنْهَونَ عن الكلامِ في دينِ اللهِ، إلَّا فيما تحتَه عَمَلٌ) [244] يُنظر: ((جامع بيان العلم)) لابن عبد البر (2/191). .
وقال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (الذي قاله مالِكٌ -رحمه الله- عليه جماعةُ الفُقَهاءِ والعُلَماءِ قديمًا وحديثًا، من أهلِ الحَديثِ والفتوى، وإنَّما خالف ذلك أهلُ البِدَعِ: المعتَزِلةُ وسائِرُ الفِرَقِ، وأمَّا الجماعةُ فعلى ما قال مالِكٌ رحمه الله) [245] يُنظر: ((جامع بيان العلم)) (2/191). .
ويُسْتَثْنى من ذلك للضَّرورةِ التَّوسعُ في الكَلامِ في مَسائِل الاعتِقادِ بعِلمٍ؛ لردِّ باطِلٍ يُحتاجُ في ردِّه إلى تبيينٍ وتَفصيلٍ، أو لتوضيحِ الحقِّ وتبيينِه بأدِلَّتِه النَّقليَّةِ والعَقليَّةِ؛ خَوفًا من ضَلالةٍ أن تَعُمَّ؛ فمِنْ واجبِ العُلَماءِ بَيانُ الحقِّ، ودَفعُ الباطِلِ في كُلِّ زمانٍ ومكانٍ بما يُناسِبُ الحالَ [246] يُنظر: ((جامع بيان العلم)) لابن عبدالبر (2/192). .

انظر أيضا: