الموسوعة العقدية

المَبحَثُ الثَّاني: من خَصائِصِ مَنهَجِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ في تَقريرِ مَسائِلِ الاعتِقادِ: أنَّه مَنهَجٌ توقيفيٌّ

مَنهَجُ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ مَنهَجٌ يقومُ على التَّسليمِ المطلَقِ لنُصوصِ الكِتابِ والسُّنَّةِ، لا يردُّون منها شيئًا، ولا يُعارِضونَها بشَيءٍ؛ لا بعَقلٍ ولا ذَوقٍ ولا مَنامٍ ولا غيرِ ذلك، بل يَقِفونَ حيث تَقِفُ بهم النُّصوصُ، ولا يَتجاوَزونَها إلى إعمالِ رأيٍ أو قياسٍ أو ذَوقٍ، مُلتَزِمينَ قَولَه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الحجرات: 1] .
قال الرَّبيعُ بنُ خُثَيمٍ: (يا عبدَ اللهِ، ما علَّمَك اللهُ في كتابِه مِن عِلمٍ فاحمَدِ اللهَ، وما استأثَرَ عليك به من عِلمٍ فكِلْه إلى عالِمِه، ولا تتكَلَّفْ؛ فإنَّ اللهَ جَلَّ وعَزَّ يقولُ لنبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [ص: 86-88] ) [241] يُنظر: ((جامع بيان العلم)) لابن عبد البر (2/266). .
أمَّا أهلُ البِدعِ فقد أصَّلوا لأنفُسِهم قواعدَ حاكَموا إليها نُصوصَ الكِتابِ والسُّنَّةِ؛ فما وافَقَ منها تلك القواعِدِ قالوا به مُعَضِّدينَ لا محتجِّينَ، وما خالف ردُّوه بتضعيفٍ إن كان حديثًا، أو تأويلٍ إنْ كان قُرآنًا أو حديثًا، وإن أحسَنوا المعامَلةَ فوَّضوا العِلمَ به، وعَزَلوه عن الحُكمِ والاحتِجاجِ به.
قال يُونُسُ بنُ عَبدِ الأعلى: سَمِعتُ الشَّافعيَّ يومَ ناظَرَه حَفصٌ الفردُ، قال لي: (يا أبا موسى، لَأَنْ يلقى اللهَ عزَّ وجَلَّ العبدُ بكُلِّ ذنبٍ ما خلا الشِّركَ: خَيرٌ من أن يلقاه بشيءٍ من الكلامِ، لقد سمعتُ مِن حَفصٍ كلامًا لا أقدِرُ أن أحكِيَه!) [242] يُنظر: ((جامع بيان العلم)) لابن عبد البر (2/192). .
وقال ابنُ عُيَينةَ: (سَمِعتُ من جابرٍ الجعفيِّ كلامًا خَشِيتُ أن يقَعَ عليَّ وعليه البيتُ!) [243] يُنظر: ((جامع بيان العلم)) لابن عبد البر(2/192). .

انظر أيضا: