الموسوعة العقدية

الْمَبحَثُ الثَّاني عَشَرَ: نُقصانُ العَمَلِ

عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويَنقُصُ العَمَلُ، ويُلقى الشُّحُّ، وتَظهَرُ الفِتَنُ، ويَكثُرُ الهَرْجُ. قالوا: يا رَسولَ اللهِ، أَيُّمَ هو؟ قال :القَتْلُ القَتْلُ )) [1945] أخرجه البخاري (7061) واللَّفظُ له ، ومسلم (157).      .
قال الخَطابيُّ: (قَولُه: ((العَمَلُ))... فمَعناه الطَّاعاتُ تَقِلُّ الرَّغبةُ فيها ويَشتَغِلُ النَّاسُ بالدُّنيا والسَّعيِ فيها، وقَد يَكونُ مَعنى ذلك ظُهورَ الخيانةِ في الأماناتِ والصِّناعاتِ، فيُنقَصُ مِنها، ولا تُؤَدَّى الأمانةُ فيها) [1946] يُنظر: ((أعلام الحديث)) (3/ 2182). .
وقال ابنُ حَجَرٍ: (أمَّا نَقصُ العَمَلِ فيحتَمِلُ أن يَكونَ بالنِّسبةِ لكُلِّ فردٍ فردٍ، فإنَّ العامِلَ إذا دَهمتْه الخُطوبُ ألهَته عَن أورادِه وعِبادَتِه، ويَحتَمِلُ أن يُرادَ به ظُهورُ الخيانةِ في الأماناتِ والصِّناعاتِ. قال ابنُ أبي جَمرةَ: نَقصُ العَمَلِ الحِسِّي يَنشَأ عَن نَقصِ الدِّين ضَرورةً، وأمَّا الْمَعنَويُّ فبِحَسبِ ما يَدخُلُ مِنَ الخَلَلِ بسَبَبِ سوءِ الْمَطعَمِ وقِلَّةِ الْمُساعِدِ على العَمَلِ، والنَّفسُ ميَّالةٌ إلى الرَّاحةِ، وتَحِنُّ إلى جِنسِها، ولِكَثرةِ شياطينِ الإنسِ الذينَ هم أضَرُّ مِن شياطينِ الجِنِّ) [1947] يُنظر: ((فتح الباري)) (13/ 17). .
قال القَسطَلَّانيُّ في شَرحِ الحَديثِ السَّابِقِ: (الواقِعُ أنَّ الصِّفاتِ الْمَذكورةَ وُجِدَت مَباديها مِن عَهدِ الصَّحابةِ، ثُمَّ صارَت تَكثُرُ في بَعضِ الأماكِنِ دونَ بَعضٍ، وكُلَّما مَضَت طَبَقةٌ ظَهَرَ البَعضُ الكَثيرُ في الَّتي تَليها، ويُشيرُ إليه قَولُه في حَديثِ البابِ التَّالي: ((لا يَأتي زَمانٌ إلَّا والذي بَعدَه شَرٌّ مِنه )) [1948] أخرجه البخاري (7068) باختلافٍ يسيرٍ من حديث أنس رضي الله عنه. [1949] يُنظر: ((إرشاد الساري)) (10/ 173). .
عَن عَبد اللهِ بن عَمرٍو رَضِيَ الله عَنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أَلَا إِنَّ مِنْ أشراط السَّاعَةِ أَن تُرْفَعَ الأَشْرَارُ، وَتُوضَعَ الأَخْيَارُ، ويُفتَحَ القَوْلُ، وَيُخْزَنَ العَمَلُ)) [1950] أخرجه الطبراني (13/635) (14559)، والحاكم (8660) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّح إسنادَه الحاكم، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/329): رجال رجاله الصَّحيح، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصَّحيحة)) (6/320) بعد ذكره لكلام الهيثمي: لعله عند الطبراني من طريق أخرى غير طريق الكندي هذا، وإلا فالهيثمي واهمٌ في حشره إياه في جملة رجال الصَّحيح. وأخرجه من طريق آخر الحاكم (8661)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (46/313). صحَّح إسنادَه الحاكم. وأخرجه موقوفًا الدارمي (476) مُطَولًا، وابن أبي شيبة (38704) باختلافٍ يسيرٍ. قال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصَّحيحة)) (6/320): رفعه بعضهم وأوقفه بعضهم، وهو في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال بمجرد الرأي. .
قال الألبانيُّ: (هذا الحَديثُ مِن أعلامِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فقَد تَحَقَّقَ كُلُّ ما فيه مِنَ الأنباءِ) [1951] يُنظر: ((سلسلة الأحاديث الصَّحيحة)) (6/ 775). .

انظر أيضا: