الموسوعة العقدية

الفَرعُ الثَّاني: من مات مُرابِطًا في سَبيلِ اللهِ

عَنْ سَلْمَانَ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقُولُ: ((رِباطُ يَومٍ ولَيلَةٍ خَيرٌ مِنْ صِيامِ شَهْرٍ وقِيَامِه، وإن ماتَ جَرَى عليه عَمَلُه الَّذي كان يَعْمَلُه، وأُجْرِيَ عليه رِزْقُه وأَمِنَ الفَتَّانَ )) [1629] أخرجه مسلم (1913). .
قال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (قَولُه: ((وأمِنَ الفتَّانَ))؛ يُروى عَنِ الأكثَرِ مِنَ الرُّواةِ: بضَمِّ الفاءِ، جَمعُ فاتِنٍ، ويَكونُ لِلجِنسِ، أي: يُؤمَّنُ من كُلِّ ذي فِتنةٍ. وأخرجه الطَّبَريُّ: بفتحِ الفاءِ، يعني به: فَتَّانَ القَبرِ. وكَذلك أخرجه أبو داوُدَ مُفسَّرًا بالإضافةِ إلَى القَبرِ) [1630] يُنظر: ((المفهم)) (3/ 756). .
وقال ابنُ تيميَّةَ: (إنَّ الرِّباطَ هو المُقامُ بمَكانٍ يُخيفُه العَدوُّ ويُخيفُ العَدوَّ، فمَن أقام فيه بنيَّةِ دَفعِ العَدُوِّ فهو مَرابِطٌ، والأعمالُ بالنِّيَّاتِ... ((وأمِنَ الفتَّانِ)) يعني: مُنكَرًا ونَكيرًا. فهَذا في الرِّباطِ فكَيف الجِهادُ؟!) [1631] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (28/ 418). .
وقال المُناويُّ: ( ((الفتَّانِ)) بفتحِ الفاءِ، أي فتنةِ القَبرِ، ورُوي وأمِنَ فَتَّانيِ القَبرِ، أيِ: اللَّذَينِ يَفتِنانِ المَقبورَ. وفي رِوايةٍ بضَمِّها جَمعُ فاتِنٍ، وتَكونُ لِلجِنسِ، أي: كُلِّ ذي فِتنةٍ، أو هو من إطلاقِ الجَمعِ على اثنينِ أو أكثَرَ مِنِ اثنينِ) [1632] يُنظر: ((فيض القدير)) (4/ 13). .
قال ابنُ رَجَبٍ في الأعمالِ المُنجيةِ من عَذابِ القَبرِ: (كَذلك الجِهادُ والرِّباطُ؛ فإنَّ المُجاهِدَ والمُرابِطَ في سَبيلِ اللهِ كُلٌّ مِنهما بَذلَ نَفسَه، وسَمَحَ بنَفسِه لِتَكونَ كَلِمةُ الله هيَ العُليا، ودَينُه هو الظَّاهِرَ، وليَذُبَّ عَن إخوانِه المُؤمِنينَ عَدوَّهم) [1633] يُنظر: ((أهوال القبور)) (ص: 50). .

انظر أيضا: