الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ الخامسُ: ذَهابُ الوَباءِ وخُروجُ الحُمَّى

تقولُ هذه البِشارةُ: (قُدَّامَه ذهب الوَبَا، وعند رِجْلَيه خرجت الحمَّى) [1070] يُنظر: ((الرسل والرسالات)) لعمر الأشقر (ص: 172)، ((نبوة محمد من الشك إلى اليقين)) لفاضل السامرائي (ص: 260). ، وهذه بشارةٌ صريحةٌ، فالمدينةُ قبل مجيءِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانت معروفةً بالحُمَّى؛ فعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((قَدِمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابُه مكَّةَ، وقد وهنَتْهم حُمَّى يَثْرِبَ. قال المُشرِكون: إنَّه يَقدَمُ عليكم غدًا قَومٌ قد وهنَتْهم الحُمَّى )) [1071] أخرجه البخاري (1602)، ومسلم (1266) واللَّفظُ له. . وقد أصابت هذه الحمَّى صحابةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أوَّلَ قُدومِهم المدينةَ، فدعا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ربَّه كي يُذهِبَ الحُمَّى.
عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ، وُعِكَ أبو بكرٍ وبِلالٌ. قالت: فدخَلْتُ عليهما، قُلتُ: يا أبتِ كيف تَجِدُك؟ ويا بِلالُ كيف تجِدُك؟ قالت: وكان أبو بكرٍ إذا أخذَتْه الحُمَّى يقولُ:
كلُّ امرئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِه                 والموتُ أدنى من شِراكِ نعلِه
وكان بلال إذا أقلعت عنه يقول:
ألا ليتَ شِعْرِي هل أبيتَنَّ ليلةً             بوادٍ وحولي إذخِرٌ وجليلُ
وهل أرِدَنْ يومًا مياهَ مَجَنَّةٍ               وهل يَبدُوَنْ لي شامةٌ وطفيلُ
قالت عائشةُ: فجِئتُ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبَرْتُه، فقال: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلينا المدينةَ كحُبِّنا مكَّةَ أو أشَدَّ، وصَحِّحْها، وبارِكْ لنا في مُدِّها وصاعِها، وانقُلْ حمَّاها، فاجعلْها بالجُحْفةِ ))
[1072] رواه البخاري (5654) واللَّفظُ له، ومسلم (1376). وفي روايةٍ زيادةُ: ((ثم يقولُ بلالٌ: اللَّهُمَّ العْنَ شَيبةَ بنَ رَبيعةَ، وعُتبةَ بنَ رَبيعةَ، وأُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ، كما أخرَجُونا من أرضِنا إلى أرضِ الوَباءِ )) [1073] رواه البخاري (1889). .

انظر أيضا: