الموسوعة العقدية

الفَصْلُ الأوَّلُ: عَدَدُ الأنبياءِ والرُّسُلِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ

قال ابنُ تَيمِيَّةَ: (قد بَعَثَ في كُلِّ أُمَّةٍ رسولًا. وقد رُوِيَ في حديثِ أبي ذَرٍّ عن النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّ الأنبياءَ مائةُ ألفِ نَبيٍّ، وأنَّ الرُّسُلَ منهم ثلاثُمائٍة وثلاثةَ عَشَرَ. وبَعضُ النَّاسِ يُصَحِّحُ هذا الحديثَ وبعضُهم يُضَعِّفُه، فإن كان صحيحًا فالرُّسُلُ ثلاثمائةٍ وثلاثةَ عَشَرَ، وإن لم تُعرَفْ صِحَّتُه أمكن أن يَكونَوا بقَدْرِ ذلك وأن يَكونَوا أكثَرَ، كما يمكِنُ أن يَكونَوا أقَلَّ؛ فإنَّ اللهَ تعالى أخبر أنَّه بعث في كُلِّ أُمَّة رسولًا، وقال تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ [فاطر: 24] ، ورُوِيَ أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «أنتم تُوفُون سبعينَ أُمَّةً أنتم أكرَمُها وأفضَلُها على اللهِ» [469] أخرجه الترمذي (3001)، وابن ماجه (4288)، وأحمد (20015) باختلافٍ يسيرٍ مِن حديثِ معاويةَ بنِ حَيدةَ رَضِيَ اللهُ عنه. صَحَّحه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (8/73)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (6/112)، وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (5/59)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1132). وهو حديثٌ جَيِّدٌ) [470] يُنظر: ((الجواب الصحيح)) (2/231). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (قَولُه: وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ أي: خَلقاً آخَرِينَ لم يُذكَروا في القُرآنِ، وقد اختُلِفَ في عِدَّةِ الأنبياءِ والمُرْسَلِينَ) [471] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (2/469). .
وسُئِلَ ابنُ جِبرين: كم عَدَدُ الأنبياءِ والمُرْسَلين؟ وهل عَدَمُ الإيمانِ ببَعْضِهم (لجَهْلِنا بهم) يُعتَبَرُ كُفرًا؟
فأجاب: (ورد في عِدَّةِ أحاديثَ أنَّ عَدَدَ الأنبياءِ مائةُ ألفٍ وأربعةٌ وعِشروَن ألفًا، وأنَّ عَدَدَ الرُّسُلِ منهم ثلاثُمائةٍ وثلاثةَ عَشَرَ، كما ورد أيضًا أنَّ عَدَدَهم ثمانيةُ آلافِ نَبيٍّ. والأحاديثُ في ذلك مذكورةٌ في كِتابِ ابنِ كثيرٍ «تفسير القرآنِ العظيمِ»، في آخِرِ سُورةِ النِّساءِ على قَولِه تعالى وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ. ولكِنَّ الأحاديثَ في البابِ لا تخلو مِن ضَعفٍ على كثرتِها، والأَولى في ذلك التوَقُّفُ، والواجِبُ على المُسلِمِ الإيمانُ بمن سمَّى اللهُ ورسولُه منهم بالتفصيلِ، والإيمانُ بالبقيَّةِ إجمالًا؛ فقد ذَمَّ اللهُ اليهودَ على التفريقِ بينهم بقَولِه تعالى: وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ. فنحن نؤمِنُ بكُلِّ نَبيٍّ وكُلِّ رَسولٍ أرسله اللهُ في زَمَنٍ مِنَ الأزمانِ، ولكِنَّ شريعَتَه لأهلِ زَمانِه، وكِتابَه لأُمَّتِه وقَومِه) [472] يُنظر: ((فتاوى إسلامية)) (1/41). .

انظر أيضا: