الموسوعة العقدية

المبحثُ الثاني: من قواعِدِ الرَّدِّ على المُخالِفينَ: موافقةُ النُّصوصِ لَفظًا ومعنًى أَولى من ِموافقتها في المعنى دونَ اللَّفظِ

مُتابعةُ الكِتابِ والسُّنَّةِ في اللَّفظِ والمعنى أكمَلُ وأتَمُّ مِن المتابعةِ في المعنى دونَ اللَّفظِ؛ ففي حديثِ البراءِ بنَ عازبٍ رضي اللهُ عنهما أن الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَّمه كلماتٍ يقولُهنَّ إذا أخذ مَضْجَعَه، وفيها ((... آمنتُ بكتابِك الذي أنزَلْتَ، ونبيِّك الذي أرسَلْتَ))، قال البراء: ((فردَّدْتُهنَّ لأستَذكِرَهنَّ فقُلتُ: آمنتُ برَسولِك الذي أرسلْتَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قُلْ: آمنتُ بنبيِّك الذي أرسلْتَ )) [205] أخرجه البخاري (247) ومسلم (2710) واللَّفظُ له. ، وفي هذا تحقيقٌ لكمالِ الموافَقةِ في اللَّفظِ والمعنى.
ولهذا مَنَع جَمعٌ مِنَ العُلَماءِ نَقلَ حَديثِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمعنى، ومَن أجازه اشترطَ أن يكونَ النَّاقِلُ عاقلًا عالِمًا بما يُحيلُ المعنى من اللَّفظِ، مُدرِكًا لأساليبِ العَرَبِ حتى يَستبِينَ الفُروقَ [206] يُنظر: ((الرسالة)) للشافعي (1/369). .
والنَّاسُ في مُوافَقةِ الكِتابِ والسُّنَّةِ أقسامٌ:
الأوَّلُ: مَن يوافِقُهما لفظًا ومعنًى، وهذا أسعدُ النَّاسِ بالحَقِّ.
الثَّاني: مَن يُوافِقُهما في المعنى دونَ اللَّفظِ، فيتكَلَّمُ في المعاني الشَّرعيَّةِ الصَّحيحةِ بألفاظٍ غيرِ شَرعيَّةٍ، وهذا كالألفاظِ المجمَلةِ التي تحتَمِلُ حقًّا وباطلًا، فيدخُلُ فيهم من نفى ظاهِرَ نُصوصِ الصِّفاتِ قاصِدًا نَفيَ المعنى الظَّاهِرِ المختَصِّ بالمخلوقِ، فنفيُه صحيحٌ، لكِنْ ظاهِرُ النُّصوصِ لم يدلَّ على باطِلٍ حتَّى يستوجِبَ هذا النَّفيَ، وإنَّما نفى هذا ما توهَّمه أنَّه ظاهِرُ النَّصِّ، وإن لم يكُنْ كذلك في نَفسِ الأمرِ.
الثَّالِثُ: مَن يوافِقُ الكِتابَ والسُّنَّةَ في اللَّفظِ دونَ المعنى، كالقرامِطةِ الذين يعبِّرونَ عن عقائِدِهم الفاسِدةِ بألفاظٍ شَرعيَّةٍ، فالصَّلاةُ عندهم كَشْفُ أسرارِهم، والصِّيامُ كِتمانُها، والحَجُّ القَصدُ إلى شُيوخِهم، ونحوُ ذلك [207] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تَيميَّةَ (13/236). !
الرَّابِعُ: مَن يخالِفُ الكِتابَ والسُّنَّةَ لَفظًا ومعنًى، وهؤلاء أشقى الطَّوائِفِ، وهم مِن الكَفَرةِ والملاحِدةِ ونَحوِهم.

انظر أيضا: