الموسوعة العقدية

المبحثُ الثالثُ: الإيمانُ بأنَّ كُتُبَ اللهِ يُصَدِّقُ بَعضُها بعضًا فلا تناقُضَ بينها ولا تعارُضَ

قال اللهُ تعالى في شَأنِ القُرْآنِ: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ [المائدة: 48] .
قال ابنُ جَريرٍ: (يقولُ: أنزلنا الكِتابَ الذي أنزلناه إليك يا مُحَمَّدُ مُصَدِّقًا للكُتُبِ قَبلَه، وشهيدًا عليها أنَّها حَقٌّ من عند اللهِ، أمينًا عليها، حافظًا لها) [39] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (8/486). .
وقال ابنُ كثير: (مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ أي: من الكُتُبِ المتقَدِّمةِ المتضَمِّنةِ ذِكْرَه ومَدْحَه، وأنَّه سيَنزِلُ من عندِ اللهِ على عَبْدِه ورسولِه مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكان نزولُه كما أخبَرَت به؛ ممَّا زادها صِدقًا عند حامليها من ذوي البصائرِ، الذين انقادوا لأمرِ اللهِ واتَّبَعوا شرائِعَ اللهِ، وصَدَّقوا رُسُلَ اللهِ) [40] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (3/127). .
وقال اللهُ سُبحانَه في شَأنِ الإنجيلِ: وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ [المائدة: 46] .
قال ابنُ كثيرٍ: (وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ أي: متَّبِعًا لها، غيرَ مخالفٍ لِما فيها، إلَّا في القليلِ ممَّا بَيَّن لبني إسرائيلَ بَعضَ ما كانوا يختَلِفون فيه) [41] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (3/ 126). .
وقال السَّعديُّ: (وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ بتثبيتِها والشَّهادةِ لها والموافقةِ) [42] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 234). .
قال حافِظٌ الحَكَميُّ فيما يتضَمَّنُه معنى الإيمانِ بالكُتُبِ: (إنَّ جميعَها يُصَدِّقُ بَعضُها بعضًا لا يُكَذِّبُه) [43] يُنظر: ((معارج القبول)) (2/672-675). .
وهذا من أعظَمِ خصائِصِ كُتُبِ اللهِ عن كُتُبِ خَلْقِه؛ فإنَّ كُتُبَهم عُرضةٌ للنَّقصِ والخَلَلِ والتَّناقُضِ.
قال اللهُ تعالى في وَصفِ القُرْآنِ: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا [النساء: 82] .
قال ابنُ كثيرٍ: (ليس شيءٌ من عند اللهِ بمختَلِفٍ ولا متضادٍّ؛ لِقَولِه: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا [النساء: 82] ) [44] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (2/ 12). .
وقال ابنُ رجب: (أخبر تعالى أنَّ ما كُثَر فيه الاختلافُ فليس مِن عِندِه... إنما القطعيَّاتُ ما جاء عن اللهِ ورَسولِه من الآياتِ المحكَماتِ البيِّناتِ، والنُّصوصِ الواضِحاتِ، فتُرَدُّ إليها المشتَبِهاتُ، وجميعُ كُتُبِ اللهِ المُنَزَّلةِ مُتَّفِقةٌ على معنًى واحدٍ) [45] يُنظر: ((فتح الباري)) (5/104). .

انظر أيضا: