الموسوعة العقدية

المَبحَثُ الخامِسُ: أسماءُ الجِنِّ

قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (الجِنُّ عِندَ أهْلِ الكَلامِ وأهْلِ العِلمِ باللِّسانِ يُنَزَّلونَ على مَراتِبَ؛ فإذا ذَكَروا الواحِدَ مِنَ الجِنِّ خالِصًا قالوا: جِنِّيٌّ، فإن أرادوا أنَّه مِمَّن يَسكُنُ مَعَ النَّاسِ قالوا: عامِرٌ والجَمعُ عُمَّارٌ، وإن كانَ مِمَّن يَعْرِضُ للصِّبيانِ قالوا: أرواحٌ، فإنَّ خَبُثَ وتَعرَّمَ فهوَ شَيطانٌ، فإنْ زادَ على ذلك فهوَ مارِدٌ، فإنْ زادَ على ذلك وقَوِيَ أمرُه قالوا: عِفْريتٌ، والجَمعُ عَفاريتٌ) [4400] يُنظر: ((التمهيد)) (11/117).  .
1- العِفْرِيتُ:
قال اللهُ تعالى في قِصَّةِ طَلَبِ سُلَيمانَ عليهِ السَّلامُ الإتيانَ بعَرْشِ مَلِكةِ سَبَأٍ: قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل: 39] .
 قال ابنُ جَريرٍ في مَعنى عِفْريتٍ مِنَ الجِنِّ: (رَئيسٌ مِنَ الجِنِّ مارِدٌ قَويٌّ) [4401] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (18/ 66). .
 وقال الواحِديُّ: (هوَ المارِدُ القَويُّ الغَليظُ الشَّديدُ) [4402] يُنظر: ((التفسير الوسيط)) (3/ 378). .
وعَن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ عِفْريتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ البارِحةَ ليَقطَعَ عليَّ صَلاتي )) [4403] رواه مطولًا البخاري (3423) واللَّفظُ له، ومسلم (541). .
قال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (العِفْريتُ: المارِدُ مِنَ الجِنِّ الشَّديدُ، ومِنه: رَجُلٌ عِفْريتٌ، أي: شَديدُ الدَّهاءِ والمَكْرِ والحِيلةِ) [4404] يُنظر: ((المفهم)) (2/ 150). .
2- الغُولُ:
عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا عدوى ولا طِيَرةَ ولا غُولَ )) [4405] أخرجه مسلم (2222). .
قال ابنُ حَجَرٍ: (قال الجُمهورُ: كانَتِ العَربُ تَزعُمُ أنَّ الغِيلانَ في الفَلَواتِ، وهيَ جِنسٌ مِنَ الشَّياطينِ تَتَراءى للنَّاسِ وتَتَغَوَّلُ لَهم تَغَوُّلًا، أي: تَتَلَوَّنُ تَلَوُّنًا فتُضِلُّهم عَنِ الطَّريقِ فتُهلِكُهم، وقد كَثُرَ في كلامِهم: غالَتْه الغُولُ، أي: أهلَكَتْه أو أضَلَّتْه؛ فأبطَلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلك، وقيل: لَيسَ المُرادُ إبطالَ وُجودِ الغِيلانِ، وإنَّما مَعناه: إبطالُ ما كانَتِ العَرَبُ تَزعُمُه من تَلَوُّنِ الغُولِ بالصُّوَرِ المُختَلِفةِ، قالوا: والمَعنى لا يَستَطيعُ الغُولُ أن يُضِلَّ أحَدًا) [4406] يُنظر: ((فتح الباري)) (10/159). .
وقال ابنُ عُثَيمين: (قَولُه: ((ولا غُولَ)): جَمعُ غَولةٍ أو غُولةٍ، ونَحنُ نُسَمِّيها باللُّغةِ العامِّيَّةِ: «الهولة»؛ لأنَّها تَهولُ الإنسانَ.
والعَربُ كانوا إذا سافَروا أو ذَهَبوا يَمينًا أو شِمالًا تَلَوَّنَت لَهُمُ الشَّياطيُن بألوانٍ مُفزِعةٍ مُخيفةٍ، فتُدخِلُ في قُلوبِهمِ الرُّعبَ والخَوفَ، فتَجِدُهم يَكتَئِبونَ ويَستَحسِرونَ عَنِ الذَّهابِ إلى هَذا الوَجهِ الَّذي أرادوا، وهَذا لا شَكَّ أنَّه يُضعِفُ التَّوَكُّلَ على اللَّهِ. والشَّيطانُ حَريصٌ على إدخالِ القَلَقِ والحُزنِ على الإنسانِ بقَدْرِ ما يَستَطيعُ؛ قال تعالى: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ.
وهَذا الَّذي نَفاه الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هوَ تَأثيرُها، ولَيسَ المَقصودُ بالنَّفيِ نَفيَ الوُجودِ، وأكثَرُ ما يُبتَلى الإنسانُ بهذه الأمورِ إذا كانَ قَلبُه مُعَلَّقًا بها، أمَّا إن كانَ مُعتَمِدًا على اللَّهِ غَيرَ مُبالٍ بها، فلا تَضُرُّه ولا تَمنَعُه عَن جِهةِ قَصْدِه) [4407] يُنظر: ((القول المفيد)) (1/ 569). .

انظر أيضا: