الموسوعة العقدية

المطلبُ الثَّامِنَ عَشَرَ: حِمايةُ المَلائِكةِ لمَكَّةَ والمدينةِ مِنَ الدَّجَّالِ

حين يخرُجُ المسيحُ الدَّجَّالُ يدخُلُ كُلَّ بلدٍ إلَّا مكَّةَ والمدينةَ؛ لحمايةِ المَلائِكةِ لهما.
ففي قِصَّةِ تميمٍ الدَّاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ الدَّجَّالَ قال: إني أنا المسيحُ الدَّجَّالُ، وإني أوشِكُ أن يؤذَنَ لي في الخروجِ، فأخرُجَ فأسيرَ في الأرضِ، فلا أدَعَ قريةً إلَّا هبَطْتُها في أربعينَ ليلةً، غَيْرَ مكَّةَ وطَيبةَ، فهما مُحَرَّمتانِ عَلَيَّ كِلتاهما، كلمَّا أردتُ أن أدخُلَ واحدةً -أو أحدًا- منهما، استقبلني مَلَكٌ بيَدِه السَّيفُ صَلْتًا، يَصُدُّني عنهما، وإنَّ على كُلِّ نَقْبٍ منها مَلائِكةً يَحرُسونَها. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وطَعَن بمِخْصَرَتِه في المنبرِ: ((هذه طَيبةُ، هذه طَيبةُ، هذه طَيبةُ))، يعني: المدينةَ [4141] رواه مسلم (2942).                .
قال علي القاري: ( ((استَقبَلني مَلَكٌ بيَدِه السَّيفُ صَلْتًا )): بفتح الصاد ويُضَمُّ، أي: مُجَرَّدًا عن الغِمْدِ... ((وإنَّ على كُلِّ نَقْبٍ)): بفتح نون وسكون قاف، أي: طريقٍ أو بابٍ... ((مَلائِكةً يَحرُسونَها)) أي: يحفظونها عن الآفاتِ والبَلِيَّاتِ من غيِر ذلك الملَكِ) [4142] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (8/ 3475). .
وعن أبي بَكرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يدخُلُ المدينةَ رُعبُ المسيحِ الدَّجَّالِ، ولها يومئذٍ سبعةُ أبوابٍ، على كُلِّ بابٍ مَلَكانِ )) [4143] رواه البخاري (7125). .
قال ابنُ بطَّال: (لذلك نوقِنُ أنَّ الدَّجَّالَ لا يستطيعُ دُخولَها البتَّةَ، وهذا فَضلٌ عَظيمٌ للمدينةِ. وقد أخبر اللهُ تعالى أنَّه يوكِّلُ المَلائِكةَ بحِفظِ من شاء من عبادِه من الآفاتِ والعَدُوِّ والفِتَنِ، فقال تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الرعد: 11] يعني: بأمرِ اللهِ لهم بحِفْظِه، وما زالت المَلائِكةُ تنفَعُ المُؤمِنين بالنَّصرِ لهم والدُّعاءِ والاستغفارِ، ويَستَغفِرون لذُنوبِهم) [4144] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) (4/ 551). .
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((على أنقابِ المدينةِ مَلائِكةٌ لا يدخُلُها الطَّاعونُ ولا الدَّجَّالُ )) [4145] رواه البخاري (1880)، ومسلم (1379). .
قال المُظْهِريُّ: ( ((الأنقابُ)): جمعُ نَقْبٍ، وهو الطَّريقُ بين الجبَلَينِ، يعني: وكَّل اللهُ تعالى مَلائِكةً على طرائِقِ المدينةِ؛ لِيَدْفَعوا عنها الدَّجَّالَ والطَّاعونَ، وهو الوَباءُ) [4146] يُنظر: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (3/ 374). .

انظر أيضا: