الموسوعة العقدية

المطلبُ الخامِسَ عَشَرَ: شُهودُ المَلائِكةِ جِنازةَ بَعضِ الصَّالحينَ

عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال في سَعدِ بنِ مُعاذٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((هذا الذي تحرَّك له العَرشُ، وفُتِحَت له أبوابُ السَّماءِ، وشَهِدَه سبعون ألفًا من المَلائِكةِ، لقد ضُمَّ ضَمَّةً، ثمَّ فُرِّجَ عنه )) [4133] أخرجه النسائي (2055) واللَّفظُ له، والطبراني (6/10) (5333)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (4/28). صَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (2055)، والوادعي على شرط مسلم في ((الصحيح المسند)) (781)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (15/507)، وصحح إسناده النووي في ((الخلاصة)) (2/1042). .
قال علي القاري: ( ((هذا)): إشارةٌ إلى سَعدٍ المذكورِ، وهو للتعظيمِ، كما في الحديثِ الأوَّلِ. ((الذي تحَرَّك)): وفي روايةٍ: اهتَزَّ ((له العَرشُ)). في النهايةِ: أصلُ الهَزِّ الحَرَكةُ، واهتَزَّ: إذا تحَرَّك، واستعمله في معنى الارتياحِ، أي: ارتاح بصُعودِه واستبشر لكرامَتِه على رَبِّه، وكُلُّ من خَفَّ لأمرٍ وارتاح فقد اهتَزَّ. قال ابنُ حجر: لأنَّ العَرْشَ وإن كان جمادًا فغيرُ بَعيدٍ أنَّ اللهَ يجعَلُ فيه إدراكًا يُمَيِّزُ به بين الأرواحِ وكَمالاتِها، وهذا أمرٌ مُمكِنٌ ذكره الشَّارعُ بيانًا لمزيدِ فَضلِ سَعدٍ، وترهيبٍ للنَّاسِ مِن ضَغطةِ القبرِ، فتعَيَّن الحَملُ على ظاهِرِه، حتى يَرِدَ ما يصرِفُه عنه، وقيل: أراد فَرَحَ أهلِ العَرشِ بموته لصُعودِ رُوحِه، وأقام العَرْشَ مقامَ مَن حَمَله، أو على تقديرِ مُضافٍ.
وقال السيوطي في مختصر النهاية: اهتزَّ العَرشُ لِمَوتِ سَعدٍ، وهو سريرُ الميِّتِ، واهتزازُه فَرَحُه لحَملِ سَعدٍ عليه إلى مَدفَنِه ((وفُتِحَت)): بالتخفيف، وقيل: بالتشديدِ؛ للتكثيرِ ((له أبوابُ السَّماءِ)): لإنزالِ الرحمةِ ونُزولِ المَلائِكةِ، أو تزيينًا لقُدومِه وطُلوعِ رُوحِه؛ لأنَّ محَلَّ أرواح المُؤمِنين الجنَّةُ، وهي فوقَ السَّماءِ السَّابعةِ، أو عَرضًا للأبوابِ بأن يدخُلَ مِن أيِّ بابٍ شاء؛ لعِظَمِ كَمالِه، كفَتحِ أبوابِ الجَنَّةِ الثمانيةِ لبَعض ِالمُؤمِنين ((وشَهِده))، أي: حَضَر جنازتَه ((سبعون ألفًا من المَلائِكةِ))، أي: تعظيمًا له) [4134] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (1/ 218). .

انظر أيضا: