الموسوعة العقدية

المطلبُ الخامسُ: الاستغفارُ للمُؤمِنين

أخبر اللهُ تعالى أنَّ المَلائِكةَ يَستغفِرون لِمن في الأرضِ، فقال: تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الشورى: 5] .
قال السَّمعانيُّ: (قَولُه: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ معناه: للمُؤمِنين الذين في الأرضِ، وهذا محكيٌّ عن ابنِ عَبَّاسٍ، واللفظُ عامٌّ أُريدَ به الخاصُّ، وقيل: إن الذين يستغفرون للمُؤمِنين حَمَلةُ العَرشِ خاصَّةً، على ما ذكر تعالى في سورةِ المُؤمِنِ أي سورة غافر. وقيل: هم جميعُ المَلائِكةِ) [4079] يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (5/ 63). .
وقال اللهُ سُبحانَه: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ [غافر: 7] .
قال القرطبيُّ: (قال يحيى بنُ مُعاذٍ الرازيُّ لأصحابِه في هذه الآيةِ: افهَمُوها، فما في العالمِ جُنَّةٌ أرجى منها؛ إنَّ مَلَكًا واحِدًا لو سأل اللهَ أن يَغفِرَ لجميع المُؤمِنين لغَفَرَ لهم، كيف وجميعُ المَلائِكةِ وحَمَلةُ العَرشِ يَستغفرون للمُؤمِنين؟! وقال خَلَفُ بنُ هِشامٍ البَزَّاز القاري: كنتُ أقرَأُ على سليمِ بنِ عيسى، فلمَّا بلَغْتُ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا بكى، ثم قال: يا خَلَفُ، ما أكرَمَ المُؤمِنَ على اللهِ، نائمًا على فراشِه، والمَلائِكةُ يَستغفِرونَ له!) [4080] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (15/ 295). .
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالَ: ((المَلَائِكَةُ تُصَلِّي علَى أحَدِكُمْ ما دَامَ في مُصَلَّاهُ الذي صَلَّى فِيهِ ما لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ له، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ )) [4081] أخرجه البخاري (445)، ومسلم (649) مطولًا. .

انظر أيضا: